مصطلــح حــــــــــــم
السر الاعجازي المحمدي
في القرآن
التعريف : حم في القرآن :
________________________
إن قراءتنا في فواتح القرآن تجئ لتؤكد البعد الإعجازي الإلهي في حركة القرآن والخلق ، وفيها روح التحدي وجوامع الكلم والأسرار الإلهية . وهي كذلك متعلقة بموضوع التقدير الإلهي الخاص فـــــي حركة الصراع الأرضي ॥ بما يحمله من آفاق الجهاد
المستمر بين الحق المطلق والشر المطلق . وهو التتويج لحركة الصراع الأزلي الممتد من خلق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ونبوته قبيل خلق آدم عليه السلام ومرورا بخلق آدم عليه السلام وحتى قيام الســـــاعة والممثلة.. بختم الدين والدنيا بظهور خليفة الله المهدي عليه السلام وهو حامل سر الساعة و أول إمارات الساعة وما يتبعها من القيامة العظمي ، و تكون ” حم ” هي الرمز لكل هذه التحولات المبنية أزليا على خلق النور المحمدي ومدخل التعريف بالحضور المحمدي النوراني المستمر في حركة الصراع و التحدي ، وهذه التعريفات القرآنية اتضح سياقها جليا في حالة التمرد على الأمر الإلهي : من خلال إبليس اللعين السجود لآدم عليه السلام وهو في جوهره يمثل حالة الرفض للنبوة المحمدية في الأزل ، أي بعد انكشاف السر والنور المحمدي المعجز .. من خلال خلق آدم أبو البشر..وهو الروح المختارة المصطفاة لحمل رسالة النور المحمدي المخلوق..وكان هذا الارتباط بين روح آدم عليه السلام ونور النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يكشف عن روعة خلقية في امتزاج الجسد السامي المعظم بالنور المحمدي المقـدس .. لينبثق هذا النور برمزية فائقة.. في عالم الروح بين اتجاهين متضادين ، أفرز هذا المزيج انبثاق جديد يكشف عن اسرارالغيب وتبيان جوهر الإفساد المطلق في حركة الخلق وهو المكنون في لوح الله وغيبه المحفوظ .. ” وكان ” إبليس ” الرافض لإعلان الأمانة الإلهية
وحامل أثقال اللعنة الأبدية.. يقف خارج
حدود الرحمة .. وخارج روح الله الخالدة … وفي المقابل كان الخيار الإلهي يعم الأرض ، ويعم بإشراق نور محمد صلى الله عليه وآله المطهرين.. في الأكوان ” حم ” … رمزية السر وفواتح الغيب بالقرآن المكنون في سر الغيب .. وكانت أنوار الحوا ميم متواصلة ممتدة .. لكلمة الله وسر الإله ” محمد “.. وكان عالم الأمر يؤكد بأن السجود لخلق آدم عليه السلام هو المفصل في حسم الخيار الإلهي بين اتجاهي الحق والباطل.. ” “.. وكان الرفض من إبليس بداية لظهور المصطلح الجديد في تحدي النور مع الظلام ” وكان بروز ” إبليس. ” كمصطلح جديــد و رمز جديد يتوازي مع مصطلح ” الشيطان “.. ومصطلح ..” اللعنة الأبدية “.. وقد ظهرت هذه الإخفاقات للعيان المشهود برمزية التحدي والكبرياء الإلهي بالنور المحمدي .. المخلوق . وكان الحوار بين الله تعالى والملائكة وهو حركة فكر الحرية الأول يبدوا فيه نور الوضوح والحقيقة متجليا في ذلك الحوار الرائع بين الله المتعالي .. والسادة النورانيين الملائكة … ممثلا بتمام الوضوح في احتجاج الملائكة أمام الملائكة .. وكان هذا الحوار النوراني مبنيا على قاعدة : غيرتهم على محارم الله لإمكانية ما يحدث في الأرض من إفساد واستعلاء للباطل .. وهو الممثل في ذلك النزول الشيطاني الملعون .. وكان الرد الإلهي بالتقدير اللطيف مع عالم النور الملائكي..
“ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ”
وهو نعم المقصود من حركة اللطف المخلوق .. للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام من نوره .. حروف ” الحوا ميم ” رموزهم وبركاتهم .. والقرآن يحتوي على تلك الصورة البديعة لهذا النور.. والذي يظهر فيه ” الملائكة المكرمين “.. كشهود طائعين وقوة إسناد متواصلة مبنية ومتعلقة بإحاطتهم بما سيكون.. والقرآن يتحدث بالتفصيل عن طبيعة هذا الحوار والصورة…في قوله تعالى :
}وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } البقرة30….
وهذا الاعلان .. بالخلافة في الأرض ، ما كان ليكون لولا ظهور هذا التقدير الإلهي و جوهره الممثل في انكشاف السر المحمدي ، وعلاقة هذا السر الجدلية بآدم عليه السلام ، والمعبر في كينونته عن العلم الإلهي الخاص والمحتوي على قيم التحدي بين النور الطائع وبين حالة الرفض والعصيان المتمثل لإبليس اللعين ، وكان المحك في جوهره العبودية كأصل وقاعدة في الخلق.. وفيه قول الحق تعالى :
}وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }البقرة34
وكان الاستثناء يكشف عن جوهر إبليس ومركبه المخبوء ، وأنانيته وتعاليه في البرزخ !! والسؤال الذي يطرح في العادة : كيف انتقل إبليس من الطاعة وهو طاووس الملائكة ؟ الى حالة العصيان والإستكبار ؟ والجواب هو ذاته سياق ما سجلناه بأن التقدير والقيم الإلهية هي في الأصل مبنية على ” قيم العدل ” في حركة الخلق وعلى التخيير بين الحق والباطل ، ليتحدد جوهر هذا الرفض بإرادة ” إبليس ” في سياق حركة التقدير المبني في الخلق على أسس العبودية قال تعالى :
}وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات 65
والقضية في تحقيق الإرادة الإلهية في الأرض لايمكن أن تكون إلا في سياق مشروع الخلافة في الأرض.. وتحول إبليس من حقل الطاعة الى حالة العصيان المتواصلة .. جعله مطرودا من الرحمة الإلهية .. وكان الإستبدال بحركة النور هي التواصل بالنور من عالم الإرادة… وليس عصيان إبليس سوى دليلا أمام المشهودات علي صحة الخيار الإلهي ، و كانت كل هذه المجريات المقدرة …أمام استعلاء الله وعظمته .. في جو من حرية الإختيار الفكري والعقيدي والمبني على قاعدة الحرية في القرآن….. وهو قوله تعالى:
}لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
.. كان يتجلى الحوار بحرية من الملائكة حين احتجوا على خلق آدم !! وعندما بدا لهم النور والدليل.. وسر الكلمة المخلوقة ” محمد “.. خروا لله سجدا.. واختار إبليس مع بيان الدليل والنور الإستمراربالعصيان والغطرسة .. وكان البديل الحق المطلق في النور … المطلق على الأرض لتشرق الأرض بنور ربها .. وكان الحامي لهذا المشروع الأزلي هو نور الحقيقة الإلهية ” محمد صلى الله عليه وآله وسلم والرمز النوراني الخالد والمنكشف في قرآن الله المعظم ” حم ” فواتح بالنور .. وخيارا إلهيا للتحدي مع الشيطان وصورته الباطلة في إسرائيل المفسدة .. وليكون صنوه ” شيخ الضلالة الدجال .. حاملا لبذور الحقد والذي بدت ملامحه البغيضة بمشروع قتل الأنبياء شارة للتمرد .. و صورة لذروة الباطل. وفي الخطاب القرآني صورة الرد على خيار الله المعظم قول الحق تبارك وتعالى :
}وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }الإسراء61 …
وبهذا كشف الله عن مكنونه المتغطرس برفض السجود .. للحقيقة النورانية وكان الرد القاطع من المتعالي مبنيا أصلا على خيارات العدل والرد على العبد العاصي :
َ { إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ }ص : 78..
ومواصلة هذا الطغيان بالتحدي .. فكان الهبوط السفلي إلى ” سجن اللعنة “
}قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123..
فأختار الشيطان المتمرد.. أساس الغواية وأصل الشرور بمواصلة رفض السجود للنور المخلوق المقدس..
{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } الأعراف16..
وبهذا يتجلى الصراع بين النور كحالة .. وبين الظلام كقاعدة للشرور ” لأقعدن ” مختارا الجانب السوداوي من أصل المصطلح القرآني ” القعود ” : الكفر في الأرض، وبالتالي كان العالم الظلامي هو خيار السـواد والمؤامرة ..على قائمة الإنتظار المختار ” محطة المعصية ” : وفيه قول إبليس اللعين {قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } وقد وردت في القرآن الكريم 3 مرات : “ : ص /80 ، سورة : الأعراف /15 ، وسورة : الحجر / 38
} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ }ص80
وقد وردت لتأكيد الحالة : ” المفسدين في الأرض” ثلاث
مرات ” في نفس السور. فكان الخيار الإلهـــي بالإرادة القاطعة بتحقيق الخلافة والنبوة المحمدية .. وانتقالها من العــالم الأزلــــــي الروحي المطلق إلى الأرض .. لتبدأ الدورة التاريخيـــة بميلاد الأنبيـــــــاء الموحدين عليهم السلام والذين كانوا في علم الإرادة هم الممهدون لختم النبــــــوة بالنور الخاتم … وهوا لأصل المخلوق من النور الرباني .. لتنتقل صـــــورة الإرادة كمشروع رباني من السماء إلى الأرض ممتد حتى يوم القيامة ويوم المحشر ، ويكون الصراع عبركل هذه المساحـة الزمنية للصراع بين النور والظلام . .و بين الممهدون المصدقون ” الأنبياء” عليهم السلام.. وبين الخاتمون للدين بالعدل والقسط .. وهنا يكمن التفسير لسر الحوا ميم المطهرين من الأزل وحتى ختم الدنيا .. ليكونوا هم بحق حماة المشروع الإلهي ويكون الرمز ” حم ” الحاء : حماية ــ والميم : محمد صلى الله عليه وآله وسلم حماية الأمة المحمدية وكل الأمم .. فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الشفيع الأعظم بأمر العظيم الأعظم.. وآله المطهرين ” الحوا ميم عليهم السلام ..هم بوابة الخلاص والشفاعة.. ولا تتم الشفاعة العظمى إلا ببابهم وطاعتهم ؟ وهم الضامنون المؤمنون العباد .. يوم الفزع الأكبر ويوم الحوض في المحشر ، قال تعالى في الشهادة لهم :
}مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ }النمل89
. وفي التفسير ” الحسنة ” هم آل النبي محمد عليهم السلام ، وبهذا يتضح قرآنيا دورهم كحماية وخلاص لجميع الخلائق .. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ” أهل بيتي أمانا لأمتي ” .. وقول الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين هوترجمان القرآن الكريم والبشير المبشر العباد بشهادة الحق :
… ” وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ” وبهذا نكتشف البوابة والسر في معاني القرآن السامية .. ونؤكد انه لا يمكن اكتشاف هذه المعاني السامية إلا بوعينا لمفهوم المصطلح القرآني وعلاقته أصلا كمشروع وخطاب بحركة النبوة وهذا النور العظيم المخلوق .. وبهذا التفهم الهادئ نكون قد عظمنا الخالق المصور في علاه من خلال تعظيمنا للنور المخلوق وهو الذي بدأ الله ” المبدئ ” به حركة الخلق ، وهذه المدلولات لها شواهد على امتداد السياق القرآني العظيم وكذلك على مستوى الخطاب النبوي الحديثي الكريم حيث أشهد الخالق سبحانه جميع الخلائق في عالم الروح على وحدانيتــه في علاه وعلى نبوة حبيبه المصطفي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين وهو المخزون في القرآن كتــاب السر الإلهي .. والشهادة على كل الحقيقة مخبوء سرها في الحجر الأسود في كعبة الله المشرفة ، وكلمة السر الإلهية في هذا المخزون الأبدي هي ” محمد” صلى الله عليه وآله حامل لواء الوحدانية … نقول الحقيقة لكل التلاميذ السادة .. ولكل السابقين السادة .. من جديد .. اكتشفوا نبيكم من قلب القرآن.. اكتشفوا عترة نبيكم في قلب القرآن .. وكما سجلناه حقيقة في غلاف كتابنا : أهل البيت التحدي… كتاب الله والسنة .. كتاب الله والعترة .. لابوابة أخرى أيها السادة ..فالسر في حجر الجنة المقدس الأعظم للرب شهادة .. فاكتشفوا ذاتكم أيها السادة .. وهذا المخزون النوراني ما يرمز إليه بسر القرآن العظيم ” حم ” والتي تفيد بجمعها ” الحوا ميم ” وهم الأئمة المحمديون من صلب العترة المطهرة من صلب عالم الإرادة ..ومن أجلهم خلق الله الخلق .. قال الحق في علاه مخاطبا نوره في أرضه :
“يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء”. (1)
الحوا ميم حجج الله على الأمم :
..وقد دار المتجهون للتفسير لكشف السر لينتهوا رغم التباين إلى تأويل آل محمد الطاهرين : وهم العارفين وحجج الله وشهوده .. وفيهم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة ” (2)” أنا وعلي حجة الله على عباده (3) وقال النبي المصطفى صلى الله عليه وآله : “أنا وهذا حجة الله على خلقه ” (4) وفي ذات السياق قال صلى الله عليه وآله : ” أنا وعلي حجة الله على أمتي” (5) وهكذا تتوالى الدلائل النبوية المشرفة لتكشف عن قيمة الأئمة الطاهرين .. كسند وشفعاء وهم فيهم الأمان المستمد من قيم العلي والنبي صلى الله عليه وآله .. جعلهم الله تعالى شهودا رحماء على الخلائق تهرع لهم الجموع والخلائق يوم يرون أنبيائهم يوم المحشر العظيم يقولون نفسي نفسي !! والنبي ألأعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله يقول أمتي .. أمتي.. نبينا شفيع الأمم وحجة على كل الظالمين .. لا يمر أحدا إلى الجنان إلا من باب الحبيب محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين .. فهم الرحماء وهم الشفعاء .. وفيهم يكتشف سر القرآن في
الحوا ميم .. فهم بحق حماية الأمة وبحم يحميهم العظيم .. وبحم في أرضه ينصرون .. فهم الحجة والمرجع .. ولهم خلقت السموات .. والأراضين بشهادة الرب الخالق .. فليدرك الجمع السر .. وليحتمي المرابطون والشاهدون في كل هذا العالم بأزمة الحق المحمديون..
فهم الحروف المعجزة ” الحوا ميم ”.. وكانت هذه الكلمات المعجزة هي التي عبر الله عزوجل عنها في قرآنه ب ” الكلمات ” عنوان الغفران لأبي البشر المقدس ” آدم ” عليه السلام وقد وضحته سطورنا .. في دعوات آدم عليه السلام وسؤاله لله عز وجل بالقسم والتوجه بالكلمات المعظمة في علم الله تعالى .. وهي التى كشف القرآن سرها بهذا الإشراق النوراني العظيم ” بحق محمد و آل محمد عليهم السلام وسرها
المخبوء في قول الحق تعالى :
}وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة31
وكان العلم الإلهي المكنون ينكشف لتثبت المعجزة وهي اسم الله الأعظم الذي استوعبت حروف اسم النبي الأعظم ” محمد ، أحمد ” وأسماء الأئمة المطهرين وأنوارهم وهم الذين اشتق الله عز وجل أسمائهم من أسمائه تعالى .. وبالكلية فهم كما في الأحاديث الصيحة في الإصطفاء سر التكوين والجمع والتحدي لسياسة الرفض الشيطانية .. وفي نظرنا أن محور التحدي والسر في الرد الإلهي قد جاء مقدرا سلفا بمحمد صلى الله عليه وآله والملاحظ في التكوين القرآني كان سر الاسم يسبق في القسم الرباني المعظم القسم بالقرآن ، ومثال ذلك في سورة غافر قوله تعالى :
}حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم } : الآية 1، 2
ــ فيها البيان للسبق ل حم قبيل حركة التنزيل وفي وعينا لا يفهم من السياق القرآني الميلاد البشري للنبوة ولكن الإستيعاب الشمولي للنبوة في عالم الروح ، وإعطاء النبوة للنبي: محمد صلى الله عليه وآله بشهادة الحق والروح والذي فيه الإشهاد والإقرار قال تعالى :
}وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81
ونفس التوجه في سورة ” السجدة ” في قوله تعالى :
}حم : تنزيل من الرحمن الرحيم } (2
مبتدأ ” الخلق قبيل التنزيل أو الإشهاد على الملائكة والأرواح قبيل الخلق وقد شرحنا الموضوع مفصلا كما أشرنا . وكذلك جاء في سورة الشورى مثله : “حم عسق (تنزيل من الرحمن الرحيم } مبتدأ “ وبنفس الإتجاه نرى سياق مدخل سورة الزخرف في قوله تعالى ” حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ }الزخرف 2″ فيه القسم الإلهي واضحا جليا بالنبي قبيل القرآن .. فالنبي صلى الله عليه وآله قرين القرآن الكريم : ومثله في سورة ياسين المحمدية : ” يس والقرآن الحكيم ” . فهو الترجمان لقوله صلى الله عليه وآله : ” كتاب الله وسنتي “ وقوله صلى الله عليه وآله :
” كتاب الله وعترتي ” فالقرآن والنبوة والعترة ترجمان القرآن على مستوي التنزيل والتأويل ” لعلكم تعقلون ” والعقل يقتضي استيعاب السر ومغزى الكلمات .. والتوكيد للمغزى في سياق السورة قول المولى عز وجل “
}وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }الزخرف4…
فالإستعلاء لمحمد أصل النور ولعلي عليه السلام وريث النبوة وقوله تعالى ” لعلي ” تفيــــــد الإتجاهين : النبي والولي : وفيهما التخصيص والإصطفاء । وفي سورة الدخان : قال الله تعالى :
{حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ }الزخرف 2 .
وبالنظر في الآية القسم فيها واضح ، وبالنظر لسورة الأحقاف في الله تعالى :
}حم ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }الأحقاف2 :
البعد ذاته في الربط بين حقيقة النبوة والتنزيل ،وتقديم حم ” نور محمد على التنزيل.. وهو إثبات عالم الأمر في عالم الموجودات و ” حم ” أصل الكلمات وكلمة السر في الخلق والنور المخلوق .. والقسم من الخالق بالمخلوق في فواتح الحوا ميم السبعة له أعظم السر .. في إرساء رحمة الله بالعباد : ” إنما أنت رحمة مهداة ” ..
… وفيها سر الحماية الإلهية وكلمات الله تعالى التي أقسم بها أبو البشر سيدنا آدم عليه السلام لكي يحظى بالغفران ، وتبقى لها الديمومة النورانية ، و هي الناصعة والمحجة البيضاء المختارة.. وهم الكلمات الموحاة من الله في سر الغفران للخليقة و البديلة للوعي الإبليسي المستبد .. كما هي ناصعة واضحة في وصية سيد الملائكة لآدم عليه السلام :
” اللهم إني أسأ لك بحق محمد وآل محمد أن تغفر لي فغفر الله له ” ” اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام أن تغفر لي ..” وفي الحديث روايات عديدة رائعة.. رواها الحاكم في مستدركه وجموع من حملة الحديث (6) فالبتوجه بها إلى الله تعالى تكون الإجابة ، وهي أصل الكلمات وأصل النور المخلوق كما ذكرنا ، وكان لهذا السر النوراني ” سر الحماية ” أن يشمل بروعته ولطفه أبو البشر ذاته.. ولتكون ” حم ” وهي الرمز الدليل إلي الإسم المعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم جمعه : الحوا ميم في القرآن.هي مشروع حماية للبشرية جمعاء .. و”حم ” في التفصيل : تعني
” الحوا ميم : ” آل النبي محمد عليهم السلام : وحم كما في قراءتنا التفسيرية (7) هي قراءة الفتح الإلهي للحركة المرتبطة بعالم القدرة ، ومجيئها في فواتح السور القرآنية تكشف سرها ، كما تكشف علاقة هذه الأسماء بحركة وكينونة الخلق وعلاقة الخلق بعالم الإرادة ، و التقدير . ففي سورة غافر يجئ السياق القرآني متسقا في التركيب وحروف القدرة والإرادة : ” حم {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }الأحقاف 2..أي أن الخالق في علم تقديره تعالى خلق نور النبي ” محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلق منه كل الأشياء ” كما الحديث الصحيح.. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أخبرني عن أي شئ خلقه الله قبل الأشياء ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” ياجابر ان الله تعالى خلق قبل كل الأشياء نور نبيك من نوره ” (8) وقد فصلنا الموضوع في كتابنا ” آل البيت عليهم السلام (9)
وفي السياق القرآني المركب حسب عالم الخلق والتقدير يجيء في سياقه ذكر النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل حركة النور المخلوق ” الطبيعة البشرية ” والقسم به في الآيات الكريمة الخمسة يجئ قبيل القسم بالقرآن وخلق الأشياء ليكون الخلق مع عالم الإرادة منظما وفيه قال تبارك في علاه : “
” حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم .” ويقابله بإتساق منتظم ومتوازن في القرآن العظيم ما جاء في سورة المائدة قوله تعالى :” قد جائكم من الله نور وكتاب مبين ” (10) والنور هو النور المخلوق ” والكتاب المبين ، يشتمل على تبيان هذا النور في الخلق وكذلك في حركة الوعي القرآني بالنبوة . وهو قوله تعالى :
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ}المائدة15 “
: أي بنور محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحده يمكن اكتشاف النور الذي بشر به موسى النبي عليه السلام في التوراة .. وهو صلى الله عليه وآله وسلم الذي بشر به الأنبياء وبمقدمه الشريف على امتداد الخليقة .. فهو أصل النور: ” كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ” (11)
التوضيح بمجئ النور المخلوق الموعود في كتبكم وعلى لسان أنبيائي.. وفي الآية عملية تواصل عجيبة بين الله.. وهو النور الأزلي الأول والآخر وبين النور المخلوق من عمق الأزل إثباتا لوجوده وكشف سره بين خلقه ” من الله نور ” وهو نور من الله.. وجاءت ” من ” للتبعيض الإعجازي و..قد أضاف الله عز وجل ” وكتاب منير” إضافة وتتويج لحركة النور وحقيقة النور المبينة للحقيقة الإلهية ” نــور وكتاب مبين ” والملفت في السياق التزيلي تقديم نور النبوة حماية وجدار صلبا لنور القرآن وهنا يظهر البعد الإعجازي لحروف السر الإعجازي ” حم ” ، ” حمعسق ” وكهيعص ” كما سيجئ بيانها في حينه وكذلك التوافق في الخلق والرسالة ، أي بين الخلق النوراني النبوي في عالم الروح وفيما بين عملية الخلق البشرية الطبيعية وهو المعجزة .. وبينهم بشارات الأنبياء بمقدم النبي الخاتم ، وكما جاء في الأثر والقصص القرآني الشهادة بذلك قول السيد المسيح عليه السلام :
}وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }الصف 6 ”
فهي البشارة وزمان الفرح بالنبي الآتي كما جاء في خطاب السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل : ” الآتي خير مني ولا أستحق أن أحل سيور حذائه ” وفي ترجمة أخرى : ” سيأتي بعدي من هو أقدر مني ، من لا أستحق أن أنحني لأحل رباط حذائه. “ (12) شهادة روح الله إلى نور الله المعظمة الآتي : تعبير عن النبي المخلوق .. وهو إثبات المثبت في قوله صلى الله عليه وآله : ” كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام ” (13)
روى عبد الرازق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال: قلت: يارسول الله بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء, قال:” يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي, فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق في الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السماوات ومن الثاني الأرضيين ومن الثالث الجنة والنار ثم قسم الرابع أجزاء من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله.. كذا في المواهب (14)
وهو المثبت في قوله تعالى :
” جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ” إمكانية حمل الجسد للنور المخلوق . وبالنظر الى قوله تعالى : ” {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ }يس2 فيه تأكيد الوجهة القرآنية : في تقديم ” يــــس ” على القرآن الكريم وفيه تعظيم البيان والقسم بعظيم الخلق وختم الرسالة وإظهار عظمة سيد الخلق المخلوق بين كل المؤمنين القادمين .. فهو النفخة الأولى للروح ومن الروح وفي سورة يس تفصيل واستمرار لهذه الحالة النورانية وفيها الاختصاص النوراني
بالحوا ميم ” آل محمد ” هو قوله تعالى {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ }الصافات130 والسلام هو النور باللطف الرباني لهم عليهم السلام .. وجعل العلم النوراني المكنون مكنوزا في أئمة آل محمد الطاهرين وهو الكائن بعد السلام النوراني على آل يس في قوله تعالى :
}إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }يس12
والإمام المبين الظاهر هو المنصوص عليه ، والظاهر في علمه ونوره ..وهذا سرعجيب في التقدير الخلقي وبيان إعجازي للقرآن للربط بين مسألتي الروح والنور، وامتداد نواة النور النبوي في العترة المطهرة عليهم السلام . ويشار قرآنيا في السياق إلى مواصفات النفخ الرباني ” نور: من نور السموات والأرض !! وهو قوله تعالى :
” }ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة 9
فالسياق تأكيد الخلق بالنفخ لآدم عليه السلام ، وأصل النفخ بالنور للنور المخلوق من عالم الأمــرهي فقط للنبي الأعظم سيد الخلق ” محمد صلى الله عليه وآله وسلم والنور المخلوق من أصله معصوم أزلي مطهر لاعيب فيه.. وأصل كلمة النور ” الله المتعالي ” لاحدود لها في الشرح والتفصيل والعجز للمخلوق فيه ظاهر أمام عظمة الخالق في علاه .. وهنا ندرك بعد السر المعظم في خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل آدم عليه السلام وقبيل خلق الجن والإنس . فيكون بحق ” حم ” الرمزية والسر الإلهي الخاص بحم المفرد الحواميم الجمع ” آل محمد” عليهم السلام كما ذكرنا.. وفيها السر المقبل في آخر الزمان زماننا وهو زمان الظهور وختم النبوة بالمهدي الموعود عليه السلام . ” يا عم بنا بدئ الدين وبنا يختم ” (15) وفي لسان العرب : ” ( نور ) في أَسماء الله تعالى النُّورُ قال ابن الأَثير هو الذي يُبْصِرُ بنوره ذو العَمَاية ويَرْشُدُ بهداه ذو الغَوايَةِ وقيل هو الظاهر الذي به كل ظهور والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يسمى نوراً قال أَبو منصور والنُّور من صفات الله عز وجل قال الله عز وجل الله نُورُ السموات والأَرض قيل في تفسيره هادي أَهل السموات والأَرض وقيل مَثل نوره كمشكاة فيها مصباح أَي مثل نور هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح والنُّورُ الضياء والنور ضد الظلمة وفي المحكم النُّور الضَّوْءُ أَيًّا كان وقيل هو شعاعه وسطوعه والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ عن ثعلب وقد نارَ نَوْراً وأَنارَ واسْتَنارَ ونَوَّرَ الأَخيرة عن اللحياني بمعنى واحد أَي أَضاء كما يقال بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بمعنى واحد واسْتَنار به اسْتَمَدَّ شُعاعَه ونَوَّرَ الصبحُ ظهر نُورُه قال وحَتَّى يَبِيتَ القومُ في الصَّيفِ ليلَةً يقولون نَوِّرْ صُبْحُ والليلُ عاتِمُ وفي الحديث فَرَض عمر بن الخطاب رضي الله عنه للجدّ ثم أَنارَها زيدُ بن ثابت أَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها والتَّنْوِير وقت إِسفار الصبح يقال قد نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً والتنوير الإِنارة والتنوير الإِسفار وفي حديث مواقيت الصلاة أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ أَي صلاَّها وقد اسْتنار لأُفق كثيراً وفي حديث علي كرم الله وجهه نائرات الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام النائرات الواضحات البينات والمنيرات كذلك فالأُولى من نارَ والثانية من أَنار وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ ومنه ثم أَنارها زيدُ بن ثابت وأَنار المكانَ وضع فيه النُّورَ وقوله عز وجل ومن لم يجعل الله له نُوراً فما له من نُور ” (16)
وإذا كان ” نور ” هو صفة معظمة من أسماء الله وصفاته ، فكيف بالموصوف تعالى في علاه !! وهذا البعد النوراني المقدس من ” القدوس” هو مكمن السر الأزلي في تشريف الخلائق بنوره الخالص الحامي سره الخلائق ” حم : محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. والأكثر إعجازية في البيان وقوة الحماية “حم” الصادرة من البيان الخلقي : وهي الحقيقة الثابتة أن الله تعالى في علاه وهو نور الأنوار قد خلقه من نور ذاته ..
..وهو البيان لوعد الحق بالحق ووعد النور للنور.. البداية والنهاية ؟ وهو كشف السر للمعاني السامية لحديث النبوة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام : ” بنا بدئ الدين وبنا يختم ” وفي الحديث : ” المهدي منا يختم بنا الدين كما فتح ” ” (17) أي البداية بالنبوة في عالم الروح بالنور والختم الإلهي للنبوة للمهدي بالنور المخلوق ذاته “
}ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }آل عمران34..
والآية : هي خاصة خالصة بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعترته النورانيين من الأئمة عليهم السلام فهم أمة الزهراء الخالصة .. وفي هذا التخصيص قول الحق الخالص : “
}لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة 22 ..
والتعبير القرآني .. ” بروح منه ” وختم الآية الكريمة : ب ” أولئك حزب الله ” هو التوكيد من خلال الترابط بين البدايات والنهايات .. وهي خلاصة السمو الخالص من أسماء الله العلية ” الأول .. الآخر ” . وحزب الله المفلحون هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام . (18) والمفرد القرآني ” بروح منه ” هو مفرد مركب لمعنيين : أولهما : بروح من الله تعالى : أي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وثانيهما : بروح من محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولها معان سامية مختلفة المداد والإمداد !!
وهو التمام لما جاء في سورة المائدة :
{وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المائدة56 ..
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام هم النور الإشراقي للبشرية .. وهم الذين أشرقت الأرض بنورهم في البداية .. والنهاية .. والممتدة من عالم ” التصريف والأمر ” إلى عالم النفاذ بالخلق..قال تعالى :
}وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }الزمر69 ..
وربط الحق تعالى الإشراق بالظهور في قوله تعالى :
}هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33
وفي سورة الفتح الحق الشهادة من الله المتعالي لنوره المخلوق :
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }الفتح 28..
وهكذا الربط القرآني بين جملة المصطلح القرآني : الإشراق ، الظهور ، شهادة الله ” . وهذا الترابط القدري في الختم النبوي يكون بسر القرآن وفواتح سوره الكريمة .. وهم آل النبي محمد عليهم السلام وهو ” أبوهم وعصبتهم ” (19) نور النبوة وامتداد الحق .
وقد قال العباس عم النبي عليه السلام يمتدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَت الأَرضُ وضاءَتْ بِنُورِك الأُفُــــق
وأَنَّث الأُفق ذهاباً إلى الناحية كمـا أَنث جرير الســـــور (20)
وفي قول الحق البيان :
{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة9
: ” فالمراد خلقه من نور مخلوق له تعالى قبل خلق نور المصطفى ، فخلقه منه لا من نور قائم بذاته تعالى ، وأضافه إليه لتوليه خلقه وإيجاده ” ..و ” المتفق على أولية خلقه : بأن النور المخلوق له هو نور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لاغيره . ومعنى خلقه منه تكوينه إلى حالة أخرى غير الحالة الأولى ” (21) وفي الحديث المؤكد على النور الأزلي المخلوق قوله صلى الله عليه وآله عن ذاته : ” كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام ” (22) وهذا الحديث ” لا ينافي ما مر أن نوره مخلوق قبل الأشياء ، وأن الله قدر مقادير الخلق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، لأن نوره مخلوق قبل الأشياء ، وجعل يدور بالقدرة حيث شاء ، ثم كتب في اللوح المحفوظ ، ثم جسم صورته علي شكل أخص من ذلك النور، ولأن في التعبير بين اليدين مرتبة أظهرت له لم تكن قبله “(23) والحديث عن خلق العترة النبوية المطهرة من عالم الأمر والمثبت أزليا في قوله تعالى :
}إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33..
حديث ذو شجون ورقة وروح .. فهم عليهم السلام نور من النور النبوي المخلوق..
أسرار الحوا ميم السبعة :
وبهذا ندرك السر والتشريف في بدايات فواتح القرآن الكريم بالحوا ميم السبعة في السور السبعة : ” { حم }غافر1 ــ{حم }فصلت1ــ{حم }الشورى1 ــ {حم }الزخرف1 ــ {حم }الدخان1 ــ {حم }الأحقاف1
و(حم الجاثية ) : يقابلها ال ـ محمديون : وهي سبعة أحرف ، وهي بالتقابل الموازي في القرآن ” ال ـ حمادون ” وفي التوراة ” الحمادون : الفارقليط ” و ” الشكارون : سبعة أحرف وفية رمزية قرآنية .. نجده مركب بالتمام أيضا مع العدد سبعة : وفي القرآن الكريم يغطي العدد سبعة تسعة عشر آية .. بدون تكرار نفس الكلمة ” سبعا “. وهو عدد فيه إعجاز في القرآن .. تعرض له العديد من الباحثين، ونختصر القول فيه أن العدد تسعة عشرـ هو عدد توحيدي فردي ــ لا يوجد إلا مرة واحدة في القرآن : في سورة ” وهو قوله تعالى : {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }المدثر30
وهم الملائكة العظام خزنة النار .. ويلاحظ في اعجازيه العدد وروحيته أن فيه التحدي وروح الشدة في تحقيق الأمر من الملائكة عليهم السلام ..للمستكبرين من أعوان إبليس والدجال وبقايا المشحاء والمفسدين والأنبياء الكذبة .. وروحيه العدد تتوازى مع روحية التكرار للعدد ” سبعا ” والملاحظة الأخرى أن كلمة ” سبعا ” وردت أيضا مرتين فقط . وفيهما مدلول العظمة والإشارة للسر المحمدي المعجز ـ الحوا ميم السبعة ــ وفيه المدخل لتفسير الحالة ، وقيمة الأمة ” محمد والذين معه ” وهم آل محمد المطهرين ومن اتبعهم معهم وفي درجتهم … وفي الآيات البيان .. قال تعالى :
}وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }الحجر87
” وقد ذكرنا أن الفاتحة هي هدية الرحمن للنبي وآله الطاهرين فهم الحمادون والرحماء والهادون وهم الصراط المستقيم .. وكل محتويات هذه المصطلحات ومعانيها الكريمة يبق آل النبي محمد صلى الله عليه وآله الخلق أجمعين منذ الأزل وحتى القبض !! فهم السبع المثاني : عدد الحواميم । وهم الحسنة في القرآن
قال الله تعالى : الحسنة بعشر أمثالها “ فيكون ميزانهم ومكنوز عطائهم وسرهم في القرآن سبعون مرة
أي في المقابل يكون السبعة أبحر
المخصوصة لآل النبي محمد عليهم السلام وآله الطاهرين .. وهم الأقلام والشهود والشاهدين على الأمم .. فيكون العدد سبعون في القرآن ” آل محمد ” عليهم السلام هو الجدار الصلب وروح الحماية الإلهية .. وبالنظر لهذا المضاعف في العطاء الروحي الإلهي للنبي وآله الطاهرين .. أمان الأمة ” بشهادة النبوة . والعدد ” سبعون ، سبعين باللفظين ورد أيضا مرتين بمنطق القوة والتعظيم والرهبة الإلهية .. وهو قوله تعالى :
}ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } الحاقة 32
والمدقق في تفسير الآية يجدها خاصة بمظلمة آل النبي محمد عليهم السلام ..وأهل عداوتهم هم أصحاب الجحيم وأشد أهل النار حسابا .. وهم أهل الشمال .. لأن أهل اليمين في سورة الحاقة هم بلا جدال : النبي صلى الله عليه وآله وعترته عليهم السلام ومن سار خلفهم فهم على حذوهم مطهرون مثلهم .. ومن خالفهم منافق مبغض بدليل حديث المفرزة الإيمانية : عن” عثمان بن الخطاب يعرف بأبي الدنيا الأشج قال سمعت علي بن أبي طالب قال إنه لعهد النبي الأمي ( صلى الله عليه وسلم ) إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ” ــ
ــ رواه : ابن عساكر في تاريخه : ج38 :349 ــ
أعداؤه وباغضيه بإجماع المهاجرين والأنصار هم منافقون .. والمنافق حكمه : في الدرك الأسفل من النار ..وهم من نزعوا سلطان الحق من ” آيات الله في أرضه ، وأحلوا قومهم دار البوار..
فهم في زمن المهدي الموعود عليه السلام وبعد ذبحه السفياني في طبريا يصطرخ بنو أمية ويقولون قول الحق تعالى في قرآنه :
" مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ” الحاقة :28 ، 29″
وسلطانهم : حكمهم الجائر في مئات السنين وقد ذكر ابن
عباس عليه السلام في تعالى في علاه
}إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }الشعراء : 4 “
نزلت هذه الآية فينا ” يعني آل محمد عليهم السلام ” وفي بني أمية ، ستكون لنا عليهم الدولة فتذل أعناقهم بعد معاوية ويلحقهم هوان بعد عز ” ذكره : أبو حيان الأندلسي : في تفسير البحر المحيط ” وغيره من المفسرين مثل : الألوسي في روح المعاني والقرطبي في الجامع والبقاعي في نظم الدرر” وفصلناه في تفسيرنا لسورة الشعراء “.والآية الثانية التي ورد فيها ذكر السبعين من روحية العدد المبارك هو للتعظيم والتخصيص أيضا .. قال تعالى :
}وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ {الأعراف. 155.
والآية فيها تبيان الجهة المعادية والمفتونة والواقع عليها العذاب وهو سياق لأنموذج المعصية ” السفهاء ” وهو مسقط على مخالفي النبي وأهل بيته عليهم السلام. وهكذا نرى في وجهتنا التفسيرية الهادفة لاستكشاف المصطلح .. عمق الروح في فواتح القرآن وأسرار أعدادها .. وفي الحواميم .. وأرواحهم دوما السر وعمق السر..في اكتشاف الذات والحقيقة . ونعود للآية الكريمة التى فيها المفرد القرآني ” سبعا ” في سورة النبأ الكريمة .. فهو أيضا يرمز بوضوح إلى الروح العددية في الحواميم السبع .. والأبحر السبع والسماوات السبع .. والأراضين السبع الحواميم في سبع سور متواليات سميت عند أهل التفسير ب ” الحواميم “ وفي سورة النبأ التى ذكرنا نفس التوجه.. وهو قوله تعالى :
{ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } النبأ : 12
والمعني التأويلي للآية : في ظاهرها المشهود : هو الإشارة لخلق السموات السبع ، لكنا نلاحظ في رصدنا القرآني أن المفرد القرآني في قوله تعالى ” السموات السبع ” قد تعدد هو الآخر بصورة إعجازية سبع مرات في القرآن الكريم .. وهنا يمكن أن نقرأ مسألتين هامتين لعلاقة الرقم 7 بالحوا ميم والبحور التي جاء ذكرها في مبحثنا وهي : أن الآيات في تبيان السموات السبعة كانت تذكر السموات والأرض للتدليل عليها ومن خلال التدليل يمكن قراءتها بوجهتنا .. لكن في سورة النبأ نرى فيها مدلولا عميقا في التفسير الهادف لإستكشاف أصول المصطلح في القرآن .. وبعيدا عن الغلو والدخول في آراء جموع المفسرين والتي سيطر على أقوالهم منطق : ــ اختلف العلماء ـ !! نري أن المعنى أن المعنى العام والخاص يختلف عن ذكر الآيات في موضوع السماوات بالانتقال من المعنى المعنوي غير المشهود الى المعنى المشهود .. وهو حال النبوة وآل البيت عليهم صلوات الله وسلامه مع الأمة والأمم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والبناء الذي في السورة والآية له المدلول الحسي المهد وف بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة الشاهدين عليهم السلام فهم المشهود لهم بالثقلين : وهم أحد الثقلين المفسرين للقرآن والموكلين بإختلاف الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وبالتالي هذا البناء العظيم .. الشديد .. الذي فوق الأمة .. فهم في القرآن الجبال الرواسي وهم الثقلين والحجج وهم أصل النور .. وهذه الآية ذات مدلول هام للتعبير عن هذا المخزون النوراني العظيم .. ففيهم السبع الشداد نزلت بهذا المحتوى الإعجازي والمكنون الهائل .. والبحرفي قيمة المثال هي الإعجاز : وفي تفسيرنا لسورة النبأ وضحنا جوانب أسرار السورة وقلنا أنها بكليتها تتحدث عن وضع مستقبلي في الأمة وهو الخاص بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهو النبأ العظيم .. الذي هم فيه مختلفون ..وقدر الله أن يبتلى آل البيت ويقتلون ويلاحقون كما أحاديث النبوة المختلفة .. والقرآن تكلم بوضوح عن الإختلاف .. قال تعالى :
{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } هود118
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ” يا علي ” أنت تبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ” ــ تاريخ دمشق ج42 / 387 ــ والإختلاف في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ظاهر في الأمة ولا يحتاج البحث فيها إلى كثير جدل !! والسورة بكليتها تتحدث بالتهديد والوعيد للمخالفين .. ذكر ابن المغازلي الشافعي في المناقب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما ناصب علي الخلافة بعدي إلا كافر ” ص 93 “
ــ ” أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ” كنز العمال : ج11 /919 رقم 32977ــ فهم البناء الإلهي العظيم في هذا العالم وإلا لما جعلهم الله أهل الشفاعة ،والبلايا والتحدي والميراث للنبوة في الحكم والولاية والتأويل والمرجع في كل أمر .. وهم باب حطة وسفينة الخلاص بشهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وهكذا نخلص في استكشاف الإعجاز القرآني أن السماوات السبع هي في الأنموذج التفسيري المدلول علي عظمة النبي في الخلق وهو أعظم منها بشهادة العظيم الأعظم والسيد المسيح عليه السلام قال : ” الآتي بعدي هو الأعظم في ملكوت السموات ــ إنجيل : متى ــ والخاتم القول : ان الرقم 7 هو السر وسر السر.. فهو وزن النبي صلى الله عليه وآله في الخلق بشهادة السيد جبرائيل عند ولادته .. فالحواميم إذا ضرب عددها في عدد السموات السبع والأراضين السبع يكون العدد 49 وبقسمته على ذات العدد تكون النتيجة (7) أي سبعا في السماوات وسبعا في والأراضين السبع !!
أي نخلص في مبحثنا أن البحور السبعة وهم ” الحواميم السبعة “هي وحدها التي فقط يكون غطائها وكسائها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والرقم 7 هو سر وا حد من عالم الأسرار المذهلة والمخبؤة لآل النبي محمد عليهم الصلاة و السلام
والقرآن هو أب
لكل الأسرار فالنبي والأئمة العارفين من عترته عليهم سلام الله وأنواره قلب القرآن وبعد نزول خليفة الله الموعود عليه السلام ستصاب الأمم بالذهول لما أعطى الرحمن من مقام جليل للنبي وآله الطاهرين عليهم الصلوات والتسليم
قال الله تعالى :
}قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } المؤمنون86 .
.وفيه يتجلى عظيم القسم بالمخلوق الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم . وفي المثال القرآني الرمزي أيضا في قوله تعالى :
}لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } غافر5
وفيها الإشارة إلى أن خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعظم من خلق الدجال.وفي الآية تقريع لليهود الذين رفضوا نبوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد انتظارهم له.. وهو قوله تعالى : في علاه
}وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }البقرة89
: وفي الموضوع تفيد كتب السير والتاريخ والتفسير أن اليهود سكنوا الجزيرة العربية انتظارا له صلى الله عليه وآله وسلم.. وآية التحدي ” لخلق السموات ..
” تجئ لتكشف زيف اليهود وتزويرهم للتوراة ودعواهم البديلة الزائفة عن النبوة المحمدية بشيخ الضلالة الماشيح الدجال.. والملاحظ في الآيا ت التي تشير لخلق السموات والأرض.. كان التعبير إزائها غير ظاهر لقوة المهد وف بالرمزية.. وحتى لا يكون التكرار فيه إثقالا على القارئ.. وأن تكون هذه الرمزية مخصوصة بالعارفين وأولوا العلم القائمين بالقسط.. والمعرفين قرآنيا بإصطلاح ” الراسخون في العلم ” ليتسنى لهم أن يفسروا القرآن العظيم بوجوه التفسير الحق ، في مواجهة المتأولين للقرآن !!
وبحكم العرب القريبوا عهد بالجاهلية لم يستوعبوا الولاية وميراث النبوة في أهل البيت عليهم السلام .. ولهذا كان أمير المؤمنين عليه السلام هو الشخصية الأكثر إثارة في تاريخ الأمم .. وهو خير البشر..، وخير القديسين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. وعندما خشي النبي على أمته من أمر إبلاغ الولاية .. جاء القرآن بالأمر الإلهي “
}يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
ولكن الملفت وعند ذكرنا الحواميم : قلنا أن فيهم رمزية الدليل للأئمة الطاهرين الإثنى عشر عليه السلام ، والسبعة هم في القرآن الكريم : السبعة بحور العلم المخصوصة في آل محمد الطاهرين ، وفي الرصد القرآني وجدت أن قوله تعالى : “ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ” لم تتكرر إلا مرة واحدة في سورة ” لقمان / 27 ..وهذا تدليل على السر المعجز في ” الأبحر ” وهم الذي تتفجر من ينابيعهم الإثنى عشر بحرا : إماما ، أعلام الهدى وحجج الله المطهرين ،
والملاحظة الأهم هو أن هذه الآية جاءت في سورة لقمان الحكيم عليه السلام .. وأن يكون لقمان له سورة فهذا له مغزى هاما للتدليل على سر القيمة والربط بين معاني المصطلحات القرآنية .. وتدليل على وجهتنا بأن لقمان : هو رمز الحكمة في آل النبي محمد عليه السلام . عني به تعالى في المثال القرآني للتدليل على القيمة الخاتمة في حكمة الله تعالى على أرضه وأمير
المؤمنين علي عليه السلام هو باب النبوة الخاتمة وباب الحكمة وعلم الله الأزلي ، والأئمة من ولده عليهم السلام
هم بحور العلم وقيمة النوة في امتدادهم التاريخي حتى قيام المهدي ونزوله الموعود
عليه السلام
النبي الأعظم صلى الله
عليه وآله وسلم:
” أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ” *
وبالتقدير إلى شخصية لقمان عليه السلام في المثال القرآني .. نري بمقارنته بباب الحكمة الأزلية فارقا عظيما ، وأمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام والرضوان هو جامع لكل خصال الأنبياء والأولياء كما في الحديث النبوي . هم امتداد الحكمة ومفجروا بحورها ويكفيه في هذا العالم شهادة الحق في سورة ياسين قول الحق تعالى :
}إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }يس12
ـــ وقد ورد ذكرهم في القرآن صريحا ‘ إشارة لظهور خاتم الأئمة المهدي الموعود عليه السلام وهو قوله
تعالى في سورة يوسف عليه السلام “
{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }يوسف4
وتفسيرنا للآية : بأن الشمس والقمر هما أبوا آل محمد عليهما السلام و أبوا هذه الأمة هما : النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأخيه أمير المؤمنين :علي عليه السلام وهو المحمدي المصطفى.. وهم في المصطلح القرآني ” الساجدون “… وفي الحديث : ” أنا وعلي أبوا هذه الأمة ” . ويوسف النبي عليه السلام رمز المظلومية والصبر في تأويلنا للآية هو المهدي الموعود الخاتم في آل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فظهوره خطابه لجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ورؤياه هي روحه السامية المعلقة بعرش الرحمن مسكنه.. والسجود للشمس والقمر هو الثناء من الحمادون الشكارون تحت عرش الرحمن لظهور قمر آل محمد الخاتم مهدي الأمم عليه السلام . وجاء : المهدي : يوسف الصديق المحمدي عليه السلام بطلعته المشرقة وأنواره وهو المتحقق فيقول الحق تعالى :
}وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } الزمر : 69
وفي بحثنا حول مصطلح ” آيات الله ” فصلنا الموضوع بالأدلة..وتفسير الأحد عشر كوكبا هم الأئمة النورانيين من آل بيت النبي عليهم السلام ومن صلب علي وفاطمة عليهما السلام .. وللتدليل على عمق تفسيرنا نقول أن هذا العدد : ” اثنا عشر .. قد ورد في القرآن : في ثلاث مواضع خاصة ، وهو عدد فردي توحيدي .. وهو ” قوله تعالى : ” اثنا عشر ن نــقيبا ..: البقرة : 12 .. وقوله تعالى : “ اثني عشر أسباطا : الأعراف /160 .. وقوله تعالى ” إثنى عشر عينا” : البقرة / 60 والعين هي عين النور الموسوي ” المحمدي”..و بحور العلم هم الأئمة المصطفين ، ووارثي النبي موسى وهارون عليهم السلام.. من ذريتهما.. وهو هنا تدليل في المثال القرآني على تجربة جديدة خاتمة ” الأنموذج الأسمى ” وهو النبي محمد صلى الله عليه السلام والولي : علي عليه السلام ، والمدلول المتكرر لإثبات الحالة الخاتمة في وعي الأمة والتاريخ ” هارون من موسى ” وفيه الحديث واضح .. عند تناولنا لمصطلح ” آيات الله ” في مباحثنا المقبلة … …
ـــ وفي قول الله تعالى في : سورة يوسف عليه السلام
}وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }لقمان : 27
: الدليل الآخر والبيان الواضح على هذا البحر النوراني الزاخر للأئمة المطهرين .. وهم بحر النبوة المقدس .. وفي هذه الآية أسرار معجزة في مركباتها ومدلولاتها.. والخطاب الإلهي يكشف عن الوجهة الربانية لحالة النبوة المحمدية .. والخلق النوراني الأزلي الأول.. وتحول البحر الممتد الهادر إلى حالة صعود رأسية ، ومن المذكر إلى المؤنث في دليل رائع على حركة ” النعمة ” القادمة وهم آل محمد عليهم السلام .. وهذا التحول الاصطفائي والثوري الهادر عبر البحر .. كان من حوض : خديجة.. الطاهرة… لتجئ ” الزهراء ” المقدسة .. و من بحر النبوة .. تكون الولادة والمخاض والثورة .. وبالتحول الإلهي لروح الثورة.. تتصاعد الشجرة المقدسة .. وتبرز حركة الوعي عبر المداد الإلهي ، لتكون ” الأقلام ” هي رمز النور والوصال بالثورة كروح ونور إلي الخافقين .. ويشاء العلي القدير.. أن تتحول نواة النور العلوية إلي غرس الإصطفاء في الأرض ، لتكون الرسالة مشعل وثورة .. والقرآن يسطع جواري نورا آخر بقول الحق : “
}وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران: 139 ..
والآيات بعدها تصعد تزف للقلم بركة ونور .. ومشعلا لزمن الظهور المقدس الآخر .. ومن شجرة النبوة و النور المشرق في الأرض يكون المداد من البحر والقلم .. مشاعل الثورة وبحور العلم .. فعبر العلي في قرآنه عن النبي بالبحر وهو أصل الشجرة النورانية على مستوى الخلق وآل النبي محمد صلى الله عليه وآله هم الشجرة.. والأقلام هم الأئمة الإثنى عشر عليهم السلام .. مداد العلم والنور وتواصل رسالة الحق في العلا .. والسبعة أبحر هم السر الأزلي..في معادلة ” آيات الله ” المعجزات بالحق .. وبالحق هم يعدلون .. بحور العدل والقسط .. غطاء للكون الذي ستسّبح كل ذراتة للعلي المتعالي .. في جنبات دولة العدل الإلهية .. بقيادة ولي الله وخليفته المهدي الموعود عليه السلام..
والسر في التفسير لحركة ” آيات الله ” هم البحور السبعة ..و ” الحواميم السبعة عليهم السلام
وهي التي لا تنفذ بصعود نورها حتى يوم البعث والساعة … تنبع من بحورها الأنوار.. بشهادة القرآن ووعده الحق.. وفي قول الحق :
” مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله “.. سرا آخر على امتداد عمر كلماته ، ونوره في يد أولياءه من ” آيات الله ” الحمادون في الأرض وفي السماء.. والغطاء لهذا المداد والغوث الإلهي قوله تعالى في الآية : ” إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “ وبالعزة يكون خليفة الله عليه السلام معتزا كما جده المعزي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن والتوراة .. و بالحكمة يفتح العزيز الجبار كنوز البحور السبعة .. ويكون ” لقمان ” في سوار السورة المكرمة .. له عميق المغزى في التعبير وتحليل السورة.. وهو من بين المفردات القرآنية التوحيدية غير المتكررة .. وفي هذا الموضوع نرى ارتباط جدلي في التفسير بين آيات الاعتصام الواردة في سورة “ آل عمران .. وسورة لقمان الحكيم عليه السلام وهذه السورة قد بدأت بحروف الإعجاز “
}الم . تلك آيات الكتاب الحكيم . هدى ورحمة للمحسنين }”
والخطاب القرآني موجه للنبي وآل بيته الطاهرين عليهم السلام .. وفي هذا التصوير القرآني نرى في تركيب الموضوع تعبير خاص بأمير المؤمنين علي عليه السلام فهو الإمام الذي أحصى الله فيه كل شئ .. ولقمان ذكر مرة واحدة في القرآن وله سورة متفردة باسمه ، وهذا له مدلول خاص وتوحيدي إعجازي للتعبير عن المهد وف في حامل الحكمة الإلهية وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام .. وآية الاعتصام توحيدية.. وردت مرة واحدة .. وهذا له وضع إعجازي لفردية الاسم وكذلك لقوة تأثير الاسم والمهد وف في تأويلنا : بأنه أمير المؤمنين علي عليه السلام .. والسياق ينقل الحالة التفسيرية الى وجهة جديدة
قائمة بذاتها أي أن ــ لقمان الحكيم ــ هو علي الحكيم عليه السلام أي : أنه بدون لقمان آل محمد الطاهرين لن يستقيم خيار الثورة والتحول نحو القسط القادم فهم أهل الدار.. و لن يخرج النور والدين من قلب المدينة والدار..؟؟ وفي هذا التركيب القرآني الرائع .. تبدو حقيقة بوابة الدار والعلم والمداد الالهي ..والسر القرآني هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. وزهراء النبي .. أم أبيها هي حاملة حكمة النبي صلى الله عليه وآله الى قلب علي بن أبي طالب عليه وآله .. لنكتشف السر ..العميق .. المخبوء القادم .. في قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله : ” أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها ” (24).. ” أنا دارا لحكمة وعلي بابها ” فمن أراد الحكمة فعليه بباب المدينة” (25) فالسر في التأويل هو في مغزى السر .. ولا ينكشف سر الحكمة إلا عبر باب الزهراء وعلي الفتى والفارس .. هوا لمفجر لمنبع البحور السبعة.. والأقلام والحكمة..هما مداد العلم والحكمة..وصدره المواجهة هو صفحة النور والثورة… وأقلامنا في مصطلح القرآن والتوراة والإنجيل .. هم هؤلاء المطهرين والقديسين والمختارين .. وهم أهل الوعد لموسى وعيسى والنبي محمد .. عليهم ألف الصلاة والتسليم ..وعلي مفجر الحكمة والنور وبوابة الجنة لا يدخلها الداخلون إلا بمداده وولايته وهو قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: ” أنا مدينة الجنة وعلي بابها ، فمن أراد الجنة فليأت من بابها ” * “.. وفي وعي آل النبي عليهم السلام يكون اكتشاف مغازي القرآن والمصطلح واكتشاف الحكمة .. ودون ملاحقة القلم والمداد النور .. نؤكد لكل القراء والسادة .. إن وعينا المخبوء سيتفجر بمداد الرحمن ونور السموات إلى الأرض .. شجرة .. وتتحول الشجرة والبحر إلى عمق الروح والكلمة .. هو قرآننا أيها السادة وعيا ونورا .. وقيمة .. وفي خاتمة العبارة.. يكون السر عند بوابة علي… لقماننا المحمدي .. وخاتم الأولياء القادم …على جسر حركة مهدينا القادم .. وحقا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” بنا بدئ الدين وبمهدينا يختم .. ” ومن بعده ” : في الآية القرآنية.. هي قراءة حالة النور والأقلام والثورة .. ومن سورة كهف النور يمتد .. كنز النور وأعوان المهدي عليهم السلام وكل القادمين لإمداد التفسير والقرآن والثورة.. مدادنا المخبوء المدخر.. وفي قول الحق تعالى : ” البحر ” .. فالبحر: هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم هومن قلب الكهف ينطق بشهادة الحق .. وفي روح الخمسة الروحانيين يسكن .. وفيه قول الحق تعالى :
{قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } الكهف : 109
: و تفسيرنا : يكمن في خطاب الرحمن جل علاه إلى روح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتحدي ومنطق القوة . يؤكد الله علي أنوار الله وكنوزه والمخبؤة في نبيه المعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأولياءه من الأئمة الطاهرين من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .. وفي التفسير إثبات للحالة و الإرادة في عالم القدرة .. كما علاقة الإصطفاء بعالم التصريف والعطاء الإلهي المخصوص للأنبياء عليهم السلام وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه .. والأولياء وخاتمهم ..علي عليه السلام وتأكيده قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ” أنا خاتم الأنبياء وأنت ياعلي خاتم الأولياء” و الأئمة عليهم السلام أبواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبواب العلم الأزلي .. كما تفيد الآية الكريمة أن طوفان هذا العلم الإلهي مرهون ببقائهم على الأرض .. ولهذا جاء مصطلح “ الأرض” في قلب الآية للتدليل على قيمة المشروع الأرضي ..
” في الأرض من شجرة أقلام ” وفي قوله تعالى : ” مدادا ” هو تعبير على عظمة كنوز الله والمخبؤة في هذا البحر” النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم وحالة التشبيه للنبي صلى الله عليه وآله بالبحر تفيد التعظيم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة .. هم ” الحواميم ” عليهم السلام .. والحديث عن إمكانية التعددية في العطاء الإلهي ” لكلمات الله ” هو للتأكيد ، فقلنا في مبحث ” آيات الله “: أن التداخل في حالة الاصطفاء يقتضي الربط بين النبي والكتاب .. وبين الولي والكتاب !! ودليلنا كما ذكرنا قول الله في الآية الكريمة وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ” .. ” إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عز وجل حبل الله الممدود مابين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقان حتى يردا علي الحوض “(26) : فوصفهم الحديث النبوي الشريف بشكل موحد مندمج بكلية الحالة والخيار الإلهي .. معبرا عنها ب ” بحبل الله ” وقال أهل التفسير: إن حبل الله هم أهل البيت عليهم السلام ..ولا يمكن استواء الحالة الربانية المرادة إلا بالطاعة المطلقة والتسليم المطلق .. لله والرسول والولي .. وهو قول الحق الصريح :
}وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ }المائدة / 92
: فالطاعة الأساس في نجاح مشروع الثورة وهو بوابة القبول ، وقد وردت للتأكيد على صيغة الأمر في ستة مواضع ..وطاعة الولي هو الإمام المبين الظاهر من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو بعلمه وكهفه وكونه حجة لله تعالى المفترض الطاعة بالمطلق بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحب الإمام بدون الطاعة هو نفاق صريح ومعصية للرب تعالى عظيمة.. ولهذا لزم توفر الطاعة للإمام بعد الله ورسوله .. فهو أولي الأمر والله تعالى افترض له الخمس في مال المسلمين بنص صريح في سورة الأنفال .. ولهذا جاءت آية الاعتصام شاملة واضحة .. لحصر الطاعة والاعتصام في العترة المطهرة .. وطاعتهم هي تمثيل لطاعة العلي والنبي صلى عليه وآله وسلم .. وهو قول الحق تعالى :
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
والقرآن الكريم يؤكد على ذكر ” أولي الأمر ” كمصطلح خطير لا يجوز التنازع علية فطاعته واجبة ، فهو العالم والمرجع والفقيه الذي لا ينازع فهو في الآية ” فضل الله ” ، الولي العالم الجليل .. الراسخون في العلم .. المستنبط للأحكام الإلهية .. وفيه قال تعالى :
}وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
: وفي الآية تكون طاعة الولي بالأمر مقترنة بطاعة الله تعالى وهو له مدلول أن الولي هو في الأصل رمز وامتداد لعالم الأمر الإلهي .. والآيات الواردة في سورة آل عمران تربط بين اصطلاحي الطاعة واصطلاح العصمة .. وامتدادهما حالة التطهير..لكلية الحالة .. وهو قوله تعالى :
{ وَاعتصمواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103
و الإعتصام هو عملية توحد بالأمر الإلهي علي قاعدة النبي والعترة المطهرين باعتبارهما خيار الإصطفاء الإلهي ” ولا تفرقوا ” أي : عنهم فهم مداد نور الله وهم كلمات الله .. كما يفيد شمولية تفسير الآية لاستكشاف قيمة المصطلح ومحتواه ف ” حبل الله ” و ” كلمات الله “و ” آيات الله ” كلها مترادفات فيها التوافق والإعداد لاستيعاب علم الله في الأنبياء والنبي الخاتم صلى الله عيه وآله وسلم والأولياء والولي الخاتم .. فالولي كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الوريث لعلمه ونوره… إلا الوحي وفيه قال النبي صلى الله عليه وآله
” إلا انه لانبي بعدي ، ولو كان لكنته ياعلي ” ـ
تاريخ بغداد ج3 / 289 ــ
ونفيد أن في هذه الآية الكريمة كما قلنا تفردا إعجازيا في مركباتها : فحبل الله المتين كما في التصوير الحديثي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم له طرفين : أولهما بيد الله .. والآخر بأيديكم .. ” والآية في كتاب الله تعالى : هي واحدة موحدة بتوحيد الله .. لم يذكر غيرها .. وفي رصدنا للمصطلح ” حبل الله ” ذكر مرة واحدة في القرآن .. ومصطلح الإعتصام : ” اعتصموا ” ذكر 4 مرات أيضا في القرآن : وجميعها تدعوا للاعتصام بالله مباشرة.. ولم تناقش أي اعتصام لغير الله تعالى ..كمن اتخذوا لله أندادا .. وهو حالة تأكيد قوية على الإعتصام بحبل الله : وآيات الإعتصام : ” في سورة : آل عمران / 103 ، وفي سورة : النساء / 146 ، النساء / 175 ، والنساء / 78 ،
وفي الآية الأخيرة تؤكد الشهادة والشهود في الله تعالى :
}لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الحج 78
” أخرج الثعلبي عن ابان بن تغلب عن جعفر الصادق عليه السلام قال :
” نحن حبل الله الذي قال الله عز وجل
: }اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } ...
وعن سعيد بن جبير عن ابن
عباس عليه السلام قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاء إعرابي فقال يا رسول الله سمعتك تقول : واعتصموا بحبل الله جميعا ، فما حبل الله الذي نعتصم به . فضرب النبي صلى الله عليه وآله يده في يد علي عليه السلام وقال : تمسكوا بهذا هو حبل الله المتين : 27
وفي ختم تناول هذه الآية الشاملة الإعجازي نرى فيها روح التــأكيد على قوة علم الله وكلماته العلية . ودليلنــا في ذلك قوله تعالى :
} لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }
وتفيد الآية الكريمة حالة إثبات لإتساع روح النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكلمات الله تعالى …ولو جئنا بمثله مددا .. وفي الحديث ” القدسية : ” إن السموات لم تستوعب كلمات الله عن أن تسعني ووسعني قلب المؤمن رواه أحمد عن وهب بن منبه” (28) فكيف الحال بالنبي صلى اله عليه وآل وهو النور المخلوق منه كل الأشياء ..فالآية نرى فيها اعجازا في النفي والإثبات وهذا من بلاغة القرآن الكريم.. والدليل الآخر لوجهتنا في تعريف المصطلح التأكيد عليه بما جاء في سورة : يس12 كما سنذكره ..
الإمام المبين [ كلمة الله ]عليه السلام :
: وفي قول الله تعالى
:}إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ{
..نكتشف سر مصطلح ” الحواميم ” المعجز ..وسره بمفهوم ” آيات الله ” في القرآن ” وسر الآيات يكمن في ” الإمام ” وهو المصطلح الأسمى في القرآن بعد مصطلح النبي عليه السلام ..وإذا كان النبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم هو أصل الكلمات المخلوقة المكتوبة بالنور الى النور.. فإن السادة الأنبياء عليهم السلام هم ”كلمات الله ” المخلوقة من كلمة النور الأولى… والأئمة هم كلمة الله المختارة لحمل رسالة الله والنبي صلى الله عليه وآله و سلم و الأنبياء عليهم السلام و ” الإمام المبين ” هو الكلمة النورانية الظاهرة والمتواصلة بالغوث والوحي الإلهي .. والإمامة للأنبياء تتويج وتعظيم لمقامهم في الخلائق .. وهي فخر لأولي العزم من الرسل . والقرآن .. قد حدد كرامة الإمامة لأنبياء الله فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إمام الأئمة في الأنبياء عليهم السلام وأشرقت الإمامة في القدس حين أم الأنبياء الكرام في القدس المقدسة.. والأئمة عليهم والسلام من ذريته هم ختام الأئمة وسادتهم أجمعين..يشرقون بالإمامة ويصلون في القدس بأرواحهم النورانية في القدس خلف مهديهم الموعود عليهم السلام مهجرهم منذ الأزل .. وكل ما أعطي المتعالي للأولياء فهو من بركاتهم .. وقد خص الله تعالى في عطاء الإمامة .. النبي إبراهيم والنبي موسى عليهما صلوات الله وسلامه بالإمامة بعد النبوة .. واختتم الله تعالى الإمامة في الأرض والعالمين بنبيه المختار محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. والأئمة الإثنى عشر عليهم صلوات الله وسلامه.. يأتون في المقام الخاتم مع الأنبياء أولي العزم عليهم السلام .. والنبي عيسى عليه السلام على خطواتهم نحو النبي الخاتم .. تكون له الإمامة بعد نزوله ختما من الله لعظمته عند العظيم الأعظم . وهو قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم
” يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماما مهديا وحكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير وتوضع الجزية وتضع الحرب أوزارها (29) ــ قال رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ” يوشك المسيح عيسى بن مريم أن ينزل حكما مقسطا وإماما عادلا فيقتل الخنزير ويكسر الصليب وتكون الدعوة واحدة فأقرئوه السلام من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم “(30) ينزل عليه السلام إماما في دولة الأئمة .. وتكون النبوة له تشريف.. والإمامة له تكليف .. فهو خليفة يتبع خليفة الله العادل.. وفي دولة العدل تكون الإمامة العظمى شرفا للمسلمين أمام الموحدين وا لأمم …
قال الله تعالى :
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124
ـ” أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةًــ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }هود17
}وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف12
والآيات تؤكد المقام العظيم الممنوح للسادة الأنبياء أولي العزم عليهم السلام بإمامتهم .. ولكن هذه في الإمامة العظمى لن تتواصل في ذريتهم .. فكان آل إبراهيم عليهم السلام الممتدين في ذريته المباركة من نبي الله إسماعيل عليه السلام هم آل محمد -المطهرين .. والآية تشير بوضوح لهذا الإصطفاء العظيم بعد النبي صلى الله عليه وآله في الإمام علي عليه السلام فهو كما الآية من سورة هود : ” الشاهد منه ” أي من النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..
ذكر السيوطي في الدر المنثور: “أخرج ابن مروديه وابن عساكر عن علي رضي الله عنه في الآية قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه
وأخرج ابن مروديه من وجه آخر عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أفمن كان على بينة من ربه أنا ويتلوه شاهد منه قال : علي ” (31)
..وفي رصدنا للمصطلح القرآني وجدنا أن ” الإمام المبين ” الظاهر” خاص بالأئمة من آل محمد عليهم السلام وهم أئمة ظاهرون في الأمم خصهم الله تعالى ورفع مقامهم بين الخلائق.. وهذا هو السر الذي غيبه أصحاب التفسير التقليدي !! فمن جملة حوالي عشرين تفسيرا .. لم أجد لقوله تعالى :
}وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ{
تفسيرا منطقيا .. سوى رأيا للعلامة الألوسي : ذكر فيه : ” في إمام ” : أي أصل عظيم الشأن يؤتم ويقتدي به و يتبع ولا يخالف ” مبين ” : مظهر لما كان وسيكون ” ــ روح المعاني : تفسير سورة هود ــ واكتفت هذه التفاسير الموقرة الى القول بأن الإمام : هو اللوح المحفوظ !! وهذا تغييب لدور الإمام عليه السلام في حركة الثورة ، وتجاهلت هذه التفاسير التي سيطر أصحابها على العقل الإسلامي بأثر رجعي مدته ألف عام !! حقيقة القرآن الذي ذكرا لأنبياء بالأئمة ولكن لأن الآية تتعلق بآل النبي محمد صلى الله عليه وآله فقد كان التجاهل له دوافعه لتجنبهم الصدام بالحكام الجائرين
القليل ممن تناولوا علم
التفسير ، والألوسي قدم رأيه بدون دليل يثبت مقاصد الآية وخصوصيته بآل البيت عليهم السلام .
والقندوزي الحنفي رحمه الله تحدى التيار الجارف وسجل الحقيقة في التفسير ..لسورة أقسم رب العزة فيها بياسين وهو نبيه الأعظم المختار فقال تعالى : ” يس والقرآن الحكيم ” ..(32)
والحديث النبوي فيه السر وعمق السر، فهو يؤكد أن الإمام يستوعب كل علم الله الأزلي في الإمام المختار من آل النبي صلى الله وعليه وآله .. قال رحمه الله :
“و في المناقب بالسند عن أبي الجارود عن محمد الباقر عن أبيه عن جده الحسين” عليهم السلام أجمعين ” ، قال : لما نزلت هذه الآية ” وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }قالوا يا رسول الله هو التوراة أو الإنجيل أو القرآن قال لا فأقبل إليه أبي عليه السلام فقال : صلى الله عليه وآله : هذا هو الإمام الذي أحصى الله فيه علم كل شيئ .” وأيضا عن صالح بن سهيل عن جعفر الصادق عليهم السلام قال :
شيئ أحصيناه في أمام مبين في أمير المؤمنين صلوات الله عليه نزلت .
ــــ وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام سائرا فمررنا بواد مملؤة نملا فقلت يا أمير المؤمنين ترى أحد من خلق الله يعلم عدد هذا النمل ، قال يا عمار أنا أعرف رجلا يعلم عدده ، وكم فيه ذكر وكم فيه أنثى ، فقلت من ذلك الرجل فقال ياعمار ما قرأت في سورة يــس : “
}وَ كُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ{
فقلت بلا يا مولاي ، فقال أنا ذلك الإمام المبين (:33)
ـــــ وقد ذكر الرازي في مختار الصحيح :أن الإمام هو من : ” أَمَّ القوم في الصلاة يؤم مثل رد يرد إمامةً و أْتَمَّ به اقتدى و الإمامُ الصقع من الأرض والطريق قال الله تعالى :
}وإنهما لبإمام مبين }
و الإمامُ الذي يقتدي به وجمعه أَئِمَّةٌ وقرئ { فقاتلوا أئمة الكفر } وأئمة الكفر بهمزتين وتقول كان أمَمَهُ أي قدامه وقوله تعالى
}وكل شيء أحصيناه في إمام مبين }
قال الحسن في كتاب مبين و تأمَّمَ اتخذ أما :34
ـ يقول سفر الرؤيا :
“وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر وتحت رجليها وعلى رأسها إكليل من إثنى عشر كوكبا، وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد ، وظهرت آية أخرى في السماء ، هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان، وذنبه يجر نجوم السماء فطرحها إلى الأرض ، والتنين واقف أمام المرأة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت ، فولدت ابنا ذكرا عتيدا يرعى جميع الأمم بعصا من حديد ، واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه ، والمرأة هربت إلى البرية حيث لا موضع معد من الله لكي يعولوها هناك ألفا ومائتين وستين يوما “ (35)
: والمرأة التي تتولد هنا لتلد : هي الأمة الإسلامية المحمدية ” أمة الزهراء عليها السلام : وليدها هــو ثورتها القادمة.. وهي التي تجيء متزامنة مع ولادة وخروج مشرق النور ” المهدي عليه السلام “.. تتوجع بعد عسر الولادة والصبر وسيادة عالمية الظلم حولها ؟ والانتظار هو المولود النوراني.. والولادة هنا بزوغ شمس الهداية والذي سيكون في معجزة خروج المهدي وثورته العالمية وسره المخبوء المكنوز الذي سيذهل العالم ، والاثنى عشر إكليلا هم الأئمة الإثنى عشر من أسباط أهل البيت عليهم السلام أجمعين والشمس هو شمس النبوة المحمدية الذي يتوج رأس الزهراء عليها السلام وأمتها من آل محمد عليه السلام .. يتقدمون لجماهيرهم نحو الله ومخاض ميلادهم الثوري والذي سيرحل المهدي عليه السلام عند ولادته.. إلى مكان بعيد جدا لا يعلمه إلا الله العليم الخبير.. وأما تفسيرنا ل ” اختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه ” فهو سر : في صعود المهدي عليه السلام إلى السماء.. والذي أطلع الله تعالى عليه ـ الأنبياء ــ عليهم السلام .. وفي تفسير هذا السر ما رواه الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام :” ولا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا الله الذي يلي أمره ” والأمة المتشحة بالشمس : ” المحمديون ” و الأمة المحمدية التي تضع نبي البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. شمسا و تاجا على رأس حركتها الثورية والمهدي هو القمر، في نهايتها يولد الثورة .. ” لا يزال هذا الدين عزيزا أو قائما إلى إثنى عشر خليفة كلهم من بني هاشم ” (36)
ليتأكد من روح المعاني والإعجاز القرآني في السر من ” حم ” في ختم وعد النهاية بالمهدي عليهم السلام وهو صاحب الوعد الحق وزمن النهاية وهو عليه السلام أمر الساعة كما جاء عند أهل التفسير.. وهذا السر العسكري الذي يحسمه صاحب الأمر المهدي عليه السلام يكمن سره في إعجازية فواتح القرآن ؟؟ وليس أدل من معجزات المهدي خليفة الله عليه السلام كما ورد في الحديث الصحيح : عن”عبد الله بن عمرو عن أبيه عن جده :
أن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام
: )ستقاتلون بني الأصفر في عصابة من المسلمين لا تأخذهم في الله لومة لائم حتى تستفتحون القسطنطينية بالتكبير و التسبيح ) (37)
وفي هذا الإعجاز
يكون سر دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” حـم : لا تنصرون ” و في عمق ” حم ” يرتبط سر الخمسة المطهرين وأهل الكساء وهم أهل المباهله .. الخمسة والذين أرعب الله بهم قساوسة نجران النصارى !! (38) الحوا ميم بوابة الفرج والغفران :
وهم حقا بوابة الفرج والغفران منذ الأزل وحتى قيام الساعة : ” القائم خليفة الله المهدي عليه السلام والدليل البين فيه هو القسم المعظم الذي علمه سيد الملائكة جبرائيل عليه السلام لأبي البشر” آدم ” : أبو محمد عليه السلام حين حدوث أمر الله المقدر في بداية الصدام مع كيد إبليس اللعين .. وفيه كان أبونا آدم قد مكث في دعواته السنين الطوال .. راجيا غفران الله تعالى الله له ، فيكون له فرجا ونورا وعزا ،حتى جاء أمر الرحمن للرضا عنى فتاب عليه ، فجاءه السيد جبرائيل عليه السلام فجهز له منبرا من نورفقام خطيبا ودعا الله تعالى (39) وكانت صورة القسم كما جاء في الحديث الذي:
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ..عن علي عليه السلام قال ” سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله :
" فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب "
فقال : إن الله أهبط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس ببيسان والحية بأصبهان
وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته حتى بعث الله إليه جبريل وقال : يا آدم ألم أخلقك بيدي ؟ ألم أنفخ فيك من روحي ؟ ألم أسجد لك ملائكتي ؟ ألم أزوجك حواء أمتي ؟ قال : بلى
قال : فما هذا البكاء ؟ قال : وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن ! قال : فعليك بهؤلاء الكلمات فإن الله قابل توبتك وغافر ذنبك
قل : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم
اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم ”
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال ” سألت رسول الله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ألا تبت علي فتاب عليه “(40) ونرى في ضوء جملة الأحاديث أن آدم عليه السلام قد حدثت معه التوبة جوار عرش الرحمن ، لأنه أصلا مخلوق في الجنة ॥ وبالتالي بخلقه وعظمته ، حيث
كانت قامته عند الخلق تصل عنان السماء.. فهو الموصول بالله لأن اللعنة أصلا كانت على إبليس ولم تكن لآدم عليه السلام والنزول الأول كان لإبليس .. وبعد دهرا كان النزول لآدم عليه .. ليعرف أمره ورسالته وما يهيئه الله تعالى له ، والدليل كما في الروايات أنه عليه السلام مكث أربعين سنة يبكي في الجنة حتى أعاد الله المتعالي له نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم فحفظه به فكان جسر الرضا .. وقد شرحناه في كتابنا : النبوة المحمدية ثورة الروح الإلهية.. ولهذا كان القسم بالكلمات كما في القرآن .. والأحاديث النبوية تؤكد لنا أن آدم عليه السلام قد شهد اسم النبي الحبيب محمد صلى الله عليه جوار اسم الله على قوائم عرش الرحمن .. وعلم من الله بالخطاب قدره مع النبي الموعود صلى الله عليه وآله وسلم في الأزل . ” جاء في كنز العمال ـ 33043 ــ : ” مكتوب على باب الجنة لا أله ألا الله محمد رسول الله ” وعندما جاءه سيد الملائكة جبريل عليه السلام وعلمه الكلمات .. فكأنه أعاد إليه النور والبشارة والذاكرة.. وهذا القسم هوعرفان من الله تعالى لآدم عليه السلام بحقيقة النور المخلوق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو حامل نوره وسره…وكانت الكلمات هي صياغة الحقيقة مع روح آدم المخلوقة والسر
هو ” حم ” والحوا ميم أنوار من هذه الأنوار المحمدية المخلوقة "
القسم بحق الخمسة المطهرين يؤكد الحقيقة في الإصطفاء
الإلهي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم أئمة وأبواب وحجج في العلم والنور والحكمة بالأدلة الصحيحة القاطعة ، فهم الثقلين واكتمال القرآن .. وجعل الله تعالى بتقدير ” الثقلين ” امتداد النور ، فجعلهم أمة .. فكانوا من علي والزهراء عليهما السلام أمة الأمة.. فقال العلي فيهم قرآنه :
}وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 ..
ونزل فيهم عليهم السلام قرآنه فقال في علاه :
}لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }البقرة 189 “
فشرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
” بالحديث مع أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو ثاني الخمسة المطهرين :…
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب عليه السلام :
” يـا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك ، لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك سريرتي، وعلانيتك علانيتي، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، سعد من أطاعك وشقي من عصاك ، وربح من تولاك، وخسر من عاداك ، وفاز من لزمك ، وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي، مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة”:41
وبهذا التكامل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وبين الأقمار الخمسة الممتدين بحماية سر الله الأعظم حتى وعد الآخرة بالمهدي عليه السلام يتأكد حجم الثقلين النورانيين في حماية الأمر الإلهي وخلافته
تعالى في الأرض … عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
” إني أوشك أن ادعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروني بما تخلفوني فيهما “. (42)
فالخلافة محددة واضحة المعالم ، جلية الأركان
هي المحجة البيضاء والمرجعية الساطعة .. ” لايزيغ عنها
إلا هالك "
فالحواميم هم آل النبي المطهرين عليهم السلام بوابة
الفرح والنجاة وأمان الأمة..
تحدثنا بإيجاز وبرمزية واضحة أن الحواميم هم رمز الخلق :
فقد روى الديلمي في مسنده عن ابن عباس ـ عليهم السلام :
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
" أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله يقول لولاك ما خلقت الجنة، لولاك ما خلقت النار” وروى سلمان الفارسي ــ أبو عبد الله بن الإسلام ــ رضي الله عنه قال:
“هبط جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام وآله فقال :
ربك يقول لك.. “إن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم عليّ منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك، ولولاك ما خلقت الدنيا”। رواه ابن عساكر :
وفي فتاوى شيخ الإسلام البلقيني، وشفاء الصدور لابن سبع عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله عن الله عز وجل أنه قال:
“يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء”.
وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى. عن علي عليه السلام أن الله تعالى قال لنبيّه صلوات الله عليه وآله المطهرين وآله:
“من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء واجعل الثواب والعقاب والجنة والنار”..(43)
” وقد ذكر ابن عساكر رحمه الله :
” … فقد خلقت اسمك من قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة ولقد وطئت في السماء موطأ لم يطأه أحد قبلك ولا يطأه أحد بعدك وإن كنت اصطفيت آدم فبك ختمت الأنبياء ولقد خلقت مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي ما خلقت خلقا أكرم علي منك ومن يكون أكرم علي وقال ابن طاووس عندي منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والميزان والوجه الأقمر والجمل الأحمر والتاج والهراوة والحجة والعمرة والقرآن وفضل شهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عن شئ في القيامة على رأسك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود ولقد قرنت اسمك مع اسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ” وزاد يوسف علي وقال : ” ومنزلتك عندي ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا ” :४४
حم : رمز النصر والظهور:
وكما كان ل ” حم ” الكلمة والبركة والخيرية .. فإن القسم بها له غاية في آخر الزمان وحرب النهاية ، وقد دعا رسولنا الكريم بالحواميم في قلب المعركة ، فكان النصر المؤزر ، ذكر العلامة السيوطي رحمه الله :
” أخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وابن مروديه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :
” إنكم غدا تلقون عدوكم غدا فليكن شعاركم “حــم ” لا ينصرون ” . وبسنده عن المهلب بن أبي الصفرة رضي الله عنه قال : حدثني من سمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
” ان قلتم الليلة ” حم ” لاينصرون “
_ أخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : ” انهزم المسلمون بخيبر ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم ، وقال : ” حم لا ينصرون ” ، فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ، ولا طعن ولا رمح ” (45)
وهذا يعني ان مقام ” حم ” في القسم والتوسل هي بمقام الإسم المعظم الذي يوجب القبول ، فليكن هذا الدعاء جوار أسماء الله العظام الجليلة سمة لروحنا المقاومة لكل أعداء الدين ولتشرع لنصرة حزب الله المفلحون والغالبون .. وقد وردت هذه الصفات لحزب الله مرتين في القرآن (46) وهو قوله تعالى :
}وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المائدة56
وأيضا قوله تعالى : في علاه
}لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة 22
وفيهما المدلول الكافي لحتمية الغلبة والفوز والفلاح المحتوم إذا توفر في حزب الله هذه الصفات والدلائل النبوية .. ولا يكون ذلك محتوما الا عندما يكون هذا الحزب حزبا نبويا مقاتلا موصوفا بسمات النبوة والعترة ومؤهلا كذلك للقبول الإلهي وموصولا بالروح النورانية المخلوقة ” روح النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
... و حتى يضمن المقاتل القبول الإلهي لابد أن يكون ذائبا في ولاية وطاعة النبوة والعترة باعتبارها المؤهـل الأساسي لمشروع الإنتصار وهو تمام قول الحق تعالى :
}قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31..
والإتباع يوجب الطاعة المطلقة على المال والنفس والولد .. أي كما قلنا الذوبان في حالة النبوة والدليل الساطع هوا لقرآن في قوله تعالى : في علاه
}يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }الأنفال1 وقوله تعالى :
}وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46
وقوله تعالى : في علاه
}أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المجادلة13
وفي الربط بين القوة العسكرية وبين جانب النبوة والتقوى والطاعة لحالة النبوة على مستوى الروح والقرار فيه العزة والنصر الأكيد والتنازع الحزبي والمذهبي يثير الشحناء والتباغض.. والحسد الديني والسياسي هو أخطر أمراض الثورة .. حيث تنفى القيم والمعايير الأخلاقية وتتحول الرحمة في حزب الله لصالح حزب الشيطان
وهذا بسبب المخالفة لخيار الطاعة للنبوة والعترة !!
ويكون الدعاء والقسم بالحوا ميم موقوفا بسبب ما تسرب للنفسية المؤمنة من الحسد المقيت وتقديم الأنا على طاعة القيادة .. وإيثار قيم الذات على قيم الولاية..
والولاية كما في آيات القرآن هي بوابة الرضا الإلهي . وقد أشارت إليه
سورة المجادلة 22 .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
” إن لكل شئ لبابا وان لباب القرآن الحواميم ” (47)
وهذا يكشف لنا عن سرا لنبوة في القرآن وكذلك في المواجهة الإنتصار
وذكرنا أن دعاء آدم
عليه السلام كان صريحا في تمام احتواءه على الحواميم ..”
وذكر السيوطي رحمه الله : الحديث ”
وهو خطاب السيد جبرائيل عليه السلام
قل : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم .
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال
" :سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال :
" سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ألا تبت علي فتاب عليه (48) "
وقد ذكر الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان :
” عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
“ ومن قرأ سورة حم ” المؤمن” لم يبق روح نبي ولا صديق ولا مؤمن الا صلوا عليه واستغفروا له ” (49)
وأخرج الترمذي ومحمد بن نصر وابن مروديه والبيهقي عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
: " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ”
(50) وفي تفسير علي بن إبراهيم بروايته عن الامام
أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال :
” من قرأ الحواميم في ليلة قبل أن ينام كان في درجة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهما ، وإبراهيم وآل إبراهيم صلوات الله عليهما ، وكل قريب له أو بسبيل إليه “
ثم قال الامام أبو عبد الله الصادق عليه السلام :
( الحواميم تأتي يوم القيامة أنثى من أحسن النساء وجها وأطيبه معها ألف ألف ملك مع كل ملك ألف ألف ملك حتى تقف بين يدي الله عز وجل فيقول لها الرب : من ذا الذي يقرأك فيقضي قارئتك ؟ فيقوم طائفة من الناس لا يحصيهم إلا الله فيقول لهم : لعمري لقد أحسنتم تلاوة تلك الحواميم فمتم بها في حياتكم الدنيا . وعزتي وجلالي . وعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئا كائنا ما كان إلا أعطيتكم ولو سالمتموني جميع جناتي أو جميع ما أعطيته عبادي الصالحين و أعددته لهم . فيسألونه جميع ما أرادوا وتمنوا ، ثم يؤمر بهم إلى منازلهم في الجنة وقد أعد لهم فيها ما لم يخطر على بال مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ” :
كما ذكر تفسير نور الثقلين ” عن كتاب : ثواب الأعمال بإسناده :
عن الامام أبي عبد الله “جعفر الصادق عليه السلام قال :
” الحواميم رياحين القرآن ، فإذا قرأتموها فاحمدوا الله واشكروه لحفظها وتلاوتها ، إن العبد ليقوم ويقرأ الحواميم فيخرج من فيه أطيب من المسك الأزفـر والعنبر ، وان الله عز وجل ليرحم تاليها وقارئها . ويرحم جيرانه وأصدقائه ومعارفه وكل حميم وقريب له ، وانه في يوم القيامة يستغفر له العرش والكرسي وملائكة الله المقربون …
وروى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
” الحواميم تاج القرآن ”
) وبهذا الإيجاز نكون قد قدمنا توطئة لوعى هذا المصطلح القرآني الكريم ” حم ” بروحيته وعظيم قدره وعز نصره ” ..
المراجــــــــــــــــع
(1) النبهاني : الأنوار المحمدية ص11 = ينابيع المودة ج1/ 11
(2) تاريخ دمشق ج42 / 309 رقم 8854 = كنز العمال ج11 / 931 رقم 33013
(3) نفس المصدر ص 93 رقم 8856
(4) نفس المصدر ص 308 رقم 8853 ، ص 309 رقم 8855
(5) نفس المصدر ص 309 رقم 8554
(6) تفسير الإمام العسكري عليه السلام ص 219 ــ220 موقع شبكة السراج ــ انترنت
(7) كتابنا : ظلال آل البيت في القرآن الكريم ” سورة غافر “ ــ تحت الطبع
(8) أنظر كشف الخفا للعجلوني ( 1 / 130) = عن : جعفر البرزنجي ” شرح المولد النبوي ” ص 39 ط1 / 1417 هـ ــ1997 م ـ منشورات دار القاضي عياض للتراث بمصر
(9) كتابنا : أهل البيت : الولاية – التحدي –المواجهة : باب : الختم الإلهي للنبوة بالمهدي عليه السلام
(10) سورة المائدة : الآية : 15
(11) مسند احمد بن حنبل ج34/ 202 رقم 20596= ينابيع المودة ج1/ 9 = كتابنا : النبوة ثورة الروح الإلهية ” تحت الطبع “
(12) إنجيل مرقص : الإصحاح : 1/ 7 التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1979 = انجيل لوقا : 3 / 16 نفس المصدر ص 2073 = يوحنا 1/ 30 ص 2172 : حرف الرواية وعكسها !!
(13) ) كشف الخفاء للعجلوني ج1/ 310 رقم 827 : في أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي ابن الحسين عن أبيه عن جده :الحديث..
(14) نفس المصدر السابق : أنظر كتابنا : المهدي عليه السلام الخروج ـ النزول ـ تحرير القدس ” : الباب الرابع ” المهدي ومشروع الخلافة .
(15) تاريخ بغداد ج4 / 118 رقم 1768،1769 = ج3/ 349 = كنز العمال رقم 33438 ، 37312 = تاريخ دمشق ج7/ 247 للتوسع : أنظر كتابنا أهل البيت – الولاية .. ” باب الختم الإلهي للنبوة بالمهدي ” ..
(16) لسان العرب ج 5 / 240 ( نور)
(17) الطبراني في الأوسط ج1 / 56 رقم 157 = مجمع الزوائد 9/163 + الحاوي للفتاوى ج2/ 61 = ينابيع المودة ج2/6 ،133 = الصواعق المحرقة ص 237 ، 163 = رواه الحاكم في المستدرك =
(18) كتابنا : أهل البيت : نفس المصدر : ” باب أهل البيت في القرآن الكريم.
(19) ينابيع المودة : ج2/ 135 = روي الحديث بوجوه عديدة ذكرناها في كتابنا أهل البيت ..
(20) لسان العرب ج1 / 112 ، ج10 / 5 (ضوأ ) ، ( أفق)
(21) العلامة جعفر البرزنجي : نفس المصدر ص 40 ” أنظر تفسير البيضاوي : في تفسير قوله تعالى : ” ونفخ فيه من روحه ” : السجدة : 9
(22) نفس المصدر السابق : عزاه القسطلاني في ” المواهب اللدنية ” لإبن طغربك في ” المولد الشريف . ذكرناه في بحثنا مفصلا : ” النبوة المحمدية ثورة الروح الإلهية ” تحت الطبع ” = وفي كتابنا : ” الأزمة الروحية والثورة الروحية ” صدر عام 1992 .
(23) نفس المصدر ص41 ،
(24) ابن المغازلي : مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ص117 ، ص 116 رقم
* الحديث : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب عليه السلام : المصدر كنز العمال : ج11 / 119 رقم 32477
(122) ، ص17 رقم 123 = كنز ج11 /920 رقم 32979
(25) تاريخ دمشق ج42 /378 = حلية الأولياء : المجلد الأول 103 = صحيح الترمذي ج5 /445 رقم 3723
* : حديث : أنا مدينة الجنة : المصدر : ينابيع المدة ج1/ 71 = تاريخ دمشق ج42/ 378
(26) الألوسي : روح المعاني ج14 /18
(27) ينابيع المودة : ج1/118 ( الباب 39)
(28) المناوي : الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ط مؤسسة الرسالة بيروت
(29) الشوكاني : فتح القدير ج4 /47
(30) تاريخ دمشق ج5 /47
(31) السيوطي : الدر المنثور ج4 /410
(32) الألوسي : روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني : المجلد 8 /391
(33) ينابيع المودة ج1 / الباب (14) ص 75 : نفس الطبعة
(34) _ مختار الصحاح
المؤلف : محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي
الناشر : مكتبة لبنان ناشرون – بيروت
الطبعة طبعة جديدة ، 1415 – 1995
(35) : سفر الرؤيا: الإصحاح 11/1-7
(36) كتابنا : أهل البيت: مصدر سابق، (باب الأئمة الاثنى عشر) = ينابيع المودة للقندوزي :
(37) المعجم الكبير
المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني
الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل
الطبعة الثانية ، 1404 – 1983 ج 17 / 21 / رقم 28
تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي
(38) فصلناه في كتابنا : أهل البيت : الولاية – التحدي – المواجهة ” باب : أهل البيت في القرآن الكريم “
(39) تفسير الإمــام العسكــري عليه السلام : توبة آدم عليه السلام
(40) المؤلف : عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
الناشر : دار الفكر – بيروت ، 1993 تفسير الدر المنثور ج3 / 347 تفسير قوله تعالى :
“ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (37
(41 ) جامع الأخبار ص 53 = تاريخ دمشق ج42/ 379 رقم (8977، 8978) = تاريخ بغداد ج12/ 90 رقم الحديث (6507) = السخاوي: إستجلاب إرتقاء الغرف ج2/ 483 رقم (220- ح46/ ب) رقم 219
(42) مسند أحمد بن حنبل ج17/ 211 رقم (11131)
(43) العلامة : محمد بن يوسف الصالحي الشامي : سبيل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد : المجلد 1/75
منشورات دار الكتب العلمية بيروت ط1/ 1414 هــ ـــ ـ1993 م
(44) تاريخ دمشق لإبن عساكر : ج 3 /518
(45) السيوطي : الدر المنثور ج7 / 268 ، 270
(46) في سورة : المائدة / 56 ، المجادلة : 22
(47) السيوطي : الدر المنثور ج7 / 268 ، 270
(48) المصدر السابق ج1 /174
(49) الطبرسي : مجمع البيان
(50) السيوطي : المصدر السابق ج 7 / 397 ط دار الفكر بيروت 1993
(51) تفسير نور الثقلين : المجلد 4/ 510 رقم (6)
(52) تفسير نور الثقلين : المجلد 4/ 510
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي أخوكـــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفكر الاسلامي التجديدي
الشيخ محمد حسني البيومي
الهاشمـــي
**************
فلسطين المقدسة
**************
شبكة الأبدال العالمية
http://alabdalalalamea.blogspot.com/2011/02/blog-post_27.html
موقع المصطلح القرآني
http://mostalahkoraan.blogspot.com/2011/02/blog-post_27.html
موقع الساجدون في فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق