ا
مصطلح الأمة في القرآن الكريم
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي
مصطلح الأمة المعدودة :
وهو قوله تعالى :
{ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }هود8
ومصطلح الأمة المعدودة هو أحد الأجنحة الهامة في طيات المصطلح الشمولي القرآني وهو ( مصطلح الأمة ) وفيه النور الالهي القادر على حمل الأمة المسلمة بمعناها العام الى صميم الأمة المعدودة ..
وهم المنتجبون والأوصياء ، أو ممن أطلقت عليهم في قرائاتي المصطلحية : بمصطلح ( الملكوتيين السماويين (
في دراستي المنشورة الهامة جدا بعنوان :
” السيدة الزهراء ملكوتا إلهيا في سورة فاطر ”
” الحلقات الثلاث منشورة على موقعنا :
) السيدة فاطمة الزهراء مدرسة العشق الالهي )
http://hobelahy.wordpress.com/2010/08/23
وهذه الأمة الملكوتية المعدودة هي تلك الأمة القدسية الأزلية الواحدة .. والممتدة من تكوين النور الالهي المحمدي .. لذلك كما قلنا في دراساتنا التجديدية بأنهم خلاصة التكوين الخلقي النوراني .. وجاء في نشرتنا النورانية ( وجهتنا .. ( :
) نحن القوة المتقدمة وعنوان الرباط الإلهي.. المدخرين لخلاصة الزهراء المهدي الموعود عليه السلام .. ونحن عدته وروح من روحه.. والموطئين لمهاجره للأرض المقدسة .. نحن عنوان التجديد للثورة المقبلة دراساتنا
) نحن أمة الزهراء .. نحن شبكة الأبدال في الأرض .. (
http://ommatalzahraa.maktoobblog.com
إنهم الأمة المعدودة المرجوة يسطع نورها وشيكا في كل العوالم يرونه بعيدا ونراه قريبا بمشيئة المولى في علاه : .. وهو ما ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة المصطلحية التي بين أيدينا ذكر فيها : قال النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) : ” خير هذه الأمة النمط الأوسط يلحق بهم التالي و يرجع إليهم الغالي ” والأمة هنا : القيادة المتوسطة للجماهير المؤمنة ولا يرجع ولا يتمسك بهم إلا الغالي في عقيدته وانتماءه ، وهو من والى الله ورسوله وعترته وهم في المصطلح القرآني ” أولوا الأمر منكم “ يجيئون نيابة وورثاء وأوصياء عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله المطهرين وهو قوله تعالى كما بيناه : ” ولتكن منكم أمة” أي من الأمة المحمدية
http://elzahracenter.wordpress.com
ولهذا كانوا عليهم صلوات الله وسلامه هم الشاهدون الذين يبدأ بهم الباري في علاه خلقة ودولة الحق الأزلية في النبوة المحمدية الأولى والنبوة الخاتمة ومن معهم منهم تكوينا إلهيا ومادته وجوار حق خلقوا من طينتهم .. وهم من عرفناهم بحمد الله تعالى بمصطلح
[ النفس المحمدية الكاملة ]
منشورات موقع ( المصطلح القرآني )
وهم المعدودون أيضا في زمان الخاتمة يشكل الله تعالى منهم ختم نوره ودولة نبيه العلية صلى الله عليه وآله الطاهرين في الأرض بقيادة الخليفة الالهي أبو عبد الله المهدي عليه السلام .. وفيهم سمات الأئمة المهديين الإثنى عشر المحمديين العلويين الهاشميين عليهم السلام ، والآية الكريمة المستوعبة للمصطلح هي مخصوصة بخاتم الأئمة عليهم السلام ..
وهو خليفة الله المهدي الموعود (عليه السلام( ..
والأمة المعدودة هم عليهم رضوان الله المتعالى المخلوقون لرسالة الختم الالهي في آخر الزمان ولهذا خصوا بالمصطلح ( الأمة المعدودة ) كتمييز لهم عن باقي الأمم وكار الخلاطون وحركات الزيف كل يدعي أنه محمديا !! وكما تحدثنا عن التو حدية بين جماهير المسلمين والأئمة المهديين عليهم السلام . فكذلك خليفة الله المهدي له أمته وأصحابه الإلهيين ..
وفي كتابنا : المهدي (عليه السلام : تحت الطبع (
فقد فصلنا فيه طبيعة هذا التكوين الملكوتي الإلهي لهذه الطائفة الالهية السماوية المرجوة المنتجاة .. والتي فيها ومنها أخص سمات النور الالهي وهم الذين عرفوا في مصطلح القرآن ومصطلح الحديث النبوي ) جيش الغضب الالهي ) نورا إلهيا يحملون الرسالة المحمدية والدين غضا طريا كما نزل أول مرة على قلب الحبيب المصطفي صلى الله عليه وآله الطاهرين في مكة المشرفة .. وهو ما سنفصله بمشيئة الرحمن في دراسة نورانية مستقلة في موقعنا نورا من نور الأمة المعدودة :
) موقع المصطلح القرآني )
وفي قوله تعالى :
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120
هو الذي يحدد الأصل التكويني لمصطلح : الأمة المهدوية .. فهو حامل رسالة جده الأعظم و الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والربط التوحيدي برسالة أبينا إبراهيم في القلة المواجهة للكثرة .. والمهدي خليفة الله عليه السلام هو المؤيد وهو الأمة يجيء إبراهيميا ومحمديا عليه السلام .. أوفي مصطلحنا القرآني العتيد :
( الثورة الإبراهيمية المحمدية الكاملة (
في وجهته وثورته التوحيدية يسحق الخط الأعرابي الفريسي الذي جند كل شياطين الأرض لثورة الكفر العالمي !!
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120 ..
وهذا هو خطنا الالهي المقدس في القرآن الكريم أصوله ونبتته القدسية نقولها ولا نبالي بالمرة وغدا سيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون : نورا من نور نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وإمامنا المهدي خليفة الله في أرضه عليه السلام ، فالنبي وعترته هم آيات الله في القرآن ..
ونحن بقوة نقول نحن من عميق هذه الآيات ..
وعلمنا من صميم قلب النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .. من قلبه النور تنبع أصولنا وثورتنا ولسنا بحاجة للأخذ من باب غيره صلى الله عليه وآله وسلم
ولو ملأ المزيفون والخلاطون علينا التكذيب الأرض كل الأرض ..
لهذا يجيء موقع المصطلح القرآني وثورتنا المصطلحية قبسا إلهيا من قلب جدنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103
.. ثورة الهية في وجه المكذبين حتى يوم القيامة ..
وقد شرحنا البعد الالهي العالمي لهذه الحالة في قرائتنا لمصطلح
) العالمية الربانية في القرآن ) منشور على مركزنا
) مركز دراسات أمة الزهراء عليها السلام (
والعديد من المواقع العالمية :
http://elzahracenter.wordpress.com/2010/09/24
{ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ }النحل104
وفي آيات الله تعالى الاعجازية هم من يحملون جوار أئمة أهل البيت عليهم السلام قبس النور المحمدي من الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار :
( أصحاب المهدي الالهيون الأبدال عليهم السلام ( :
أنظر : موقع الساجدون في فلسطين ـ
قرائتنا لمصطلح آيات الله في القرآن الكريم
: المنشورة في المراكز الاسلامية البحثية
http://alsajdoon.wordpress.com/2010/08/11
الأمة المعدودة هم بقية آيا ت الله تعالى في القرآن أصحاب خليفة الله المهدي عليه السلام .. وهم الربانيون المعدودون .. يعرفهم ويعرفونه من عمق السنين ..
وهم من أهل البيت (عليهم السلام ) “ وعددهم عد أهل بدر 313 .
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ }الروم25 (1)
(1) المعجم الكبير للطبراني ج11/389 ط2 مكتبة العلوم والحكم 1993 = المستدرك ج4/ 478/ط1 دار الكتب العلمية بيروت 1990 = صحيح ابن حبان ج11/120/ ط مؤسسة الرسالة بيروت 1993 ط2 = المعجم الكبير للطبراني ج23/ 592 ـ نفس الطبعة = المعجم الأوسط للطبراني ج9/175 الناشر دار الحرمين القاهرة 1415 = مصنف أبي ش نفس المصدر ج1/254يبة ج7/ 460 ط1/1409 مكتبة الرشيد الرياض . = أبو بكر الشيباني : الآحاد المثاني ط1/1411 ــ 1991 ــ دار الراية الرياض = نفس المصدر ج1/254
وهم الرجال الأبدال الذين لم يبدلوا رغم التحديات والفتن المروعة في آخر الزمان .. وفيهم قول الحق تعالى :
{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23
.. وموطنهم الأعظم منهم في الشام بلا منازع ..
وجملة الأحاديث الشريف تؤكد وجهتنا . وفي مبحثنا لمصطلح ” الأبدال ” فصلنا
الموضوع بجوانبه ، ينشر بمشيئة الرحمن تعالى قريبا على موقع
( شبكة الأبدال العالمية ) ..
وفي التعاريف اللغوية وفي لسان العرب ” وادكر بعد أمة ” قال :
بعد حين من الدهر.. وقال ابن القطاع : أمة : الملك ــ والأمة : أتباع الأنبياء والأمة الأمم والأمة : المنفرد بدينه . (2)
(2) لسان العرب ج12/ 22 ” أم ”
والمعدود هو : المحسوب بنظام الهي دقيق , وجملة الصفات التي ذكرها صاحب : لسان العرب كلها تتأكد في المهدي (عليه السلام ) . والأمة المعدودة هي السائرة خلف إمام مبين ظاهر .
وفي تفسير الطبري رحمه الله :
{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ }
يقول : أمسكنا عنهم العذاب ” الانتقام ” يقول أمسكنا عنهم العذاب ” إلى أمة معدودة “ قال ابن جريج قال : مجاهد : إلى حين ” وعن ابن عباس عليه السلام : قوله تعالى : إلى أمة معدودة : يقول : إلى أجل معلوم ” وقوله : ليقولن ما يحبسه ” يقول : أي شيئ يمنعه من تعجيل العذاب الذي يتوعدنا به ؟ تكذيبا منهم .. ” وفيه التوعد من الله والرسول للجاحدين بآيات الله والمستهزئين والقتلة لأئمة آل محمد الطاهرين أن لهم يوما لا مرد له من الله . ” ليس مصروفا عنهم ” يقول : ليس ما يصرفه عنهم صارف ولا يدفعه عنهم دافع ولكن يحل بهم فيهلكهم ” ” وحاق بهم ما كانوا يستهزئون ” يقول : ” ونزل بهم وأصابهم الذي كانوا يسخرون من عذاب الله وكان استهزاؤهم به الذي ذكره الله قبلهم ” (3)
(3) تفسير الطبري ج7/ 7 ” جامع البيان ”
ــ سمات أصحاب المهدي الإلهيون
أصحاب المهدي العارفون هم : العارفون بالله ومن أهل الحقائق عن شهود وكشف وتعريف إلهي ، له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله وهم تسعة على أقدام رجال من الصحابة قال تعالى:
” رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ” الأحزاب / 23 (4)
(4) البر زنجي : الإشاعة ص 101 = ينابيع المودة ج3/133 ص37
عن كعب : ” قال : قادة المهدي خير الناس أهل نصرته وبيعته من أهل كوفان واليمن وأبدال الشام ، مقدمته جبريل، وساقته ميكائيل محبوب في الخلائق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى المرأة لتحج في خمسة نسوة ما معهن رجل لا يتق شيئا ( 5)
(5) كتاب الفتن لإبن حما د ص 121
يتألقون كالأقمار في ليالي الصفاء البيض آتون حول السيد المسيح السماوي بالبشارة للناس ويعرفونهم قريبا بمواقعهم في الجنة والنار !! وينبعون من نور قوله تعالى :
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }الحديد12
وأصحاب المهدي الإلهيين كإمامهم هم نعمة للأمة نقمة على أعداء الأمة ، ويكشف الله بهم كل غمة عن الأمة ، فهم الأبدال الذين بدعواتهم الناس يرزقون ويسقون الغيث . روى سليمان بن هارون العجلي قال : سمعت جعفر الصادق عليه السلام يقول : ” إن صاحب هذا الأمر – يعني القائم – محفوظا لو ذهب الناس جميعا أتى الله بأصحابه وهم الذين قال فيهم :
{ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين }”(6)
(6) سورة المائدة : الآية 54 = ينابيع المودة ج3 /7
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام : ” والله إني عرفهم – أي أصحاب المهدي – واعرف أسمائهم وقبائلهم واسم أميرهم ، وهم قوما يحملهم الله كيف يشاء ، من القبيلة الرجل والرجلين حتى بلغ تسعة فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر” وهو قول الله تعالى : ” أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا “ وهم أصحاب القائم” (7(
(7) باقر القرشي ص 289
و ” وعن أبي بكر بن حفص قال : لما نزلت آية ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه ” رفعوا رؤوسهم فنزلت ” فلا تستعجلوه ” … حدثنا أبا بكر بن شعيب قال لا: سمعت أبا صادق يقرأ ” يا عبادي أتى أمر الله فلا تستعجلوه “ (8(
(8) تفسير الطبري : نفس المصدر ج7/556 = تفسير البيضاوي ج1/822
وفي تفسير البيضاوي ” الى أمة معدودة ” الى جماعة من الأوقات قليلة ” (9(
تفسير البيضاوي ج1/822 (9)
وذكر الألوسي في روح المعاني : الى أمة معدودة ” أي طائفة من الأيام قليلة ، لأن ما يحضره العدد قليل . وقيل المراد من الأمة الجماعة من الناس أي ولو أخرنا عنهم العذاب الى جماعة يتعارفون “ (10)
) (10) روح المعاني ج12/ 14
.. ونرى الجمع بين الوصفين : أي الأمة المعدودة الوقت القليل والجماعة المعدودة أي المدخرة . والأوصاف هي خاصة بالمهدي الموعود خليفة الله عليه السلام . وينقل الألوسي رحمه الله : أن المراد بالأمة المعدودة في آخر الزمان وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدة أهل بدر ليقولن ما يحبسه : أي شئ يمنعه من المجئ لأنهم لو صدقوا به لم يستعجلوه وليس غرضهم الاعتراف بمجيئه .. “ (11(
(11) روح المعاني ج12/ 14ط دار إحياء التراث العربي بيروت .
” وذكر ابن كثير رحمه الله : أن هذه الآية خاصة بالساعة : ” في قوله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ” (12(
(12) سورة محمد : 18
أي وهم غافلون عنها ” فقد جاء أشرا طها ” أي إمارات اقترابها كقوله تعالى : هذا نذير من النذر ” وقوله تعالى : ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه” (13(
(13) تفسير ابن كثير : المجلد4/226 ــ سورة النمل /1
.. وقد شرحت هذه المسألة الخاصة بمصطلح علم الساعة في القرآن في دراسات منشورة منذ حوالي سبعة سنوات وهي منشورة مجددا على موقعنا (مركز دراسات أمة الزهراء عليها السلام بعنوان :
قراءة في مصطلح علم الساعة في القرآن الكريم ) الحلقات الثلاث ( http://elzahracenter.wordpress.com/2010/09/27
والحديث الذي يربط ” أمر الله ” بالقيامة : قال : صلى الله عليه وسلم : ”
" لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله ” (14(
(14) أبو عمرو الداني : السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشرا طها ط دار العاصمة الرياض ط1/ 1416 , ج3/ 739 ، 740ى رقم 361
ومفاد الدليل في السياق أبدال الشام المعدودون للمهدي الموعود
(عليه السلام ) فهم المدخرون له وهم أمته وعدته .
عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال :
“ المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشرة عدة أهل بدر ، فيصبحون بمكة وهو قول الله عز وجل : ” أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا” وهم أصحاب القائم(عليه السلام ). وعن عبد الله بن عجلان قال : ” ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند أبي عبد الله عليه السلام فقلت : كيف لنا أن نعلم ذلك ؟ فقال يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب ” طاعة معروفة” وروي أنه يكون في راسه المهدي عليه السلام ” البيعة لله عز وجل ” (15)
(15) أبو جعفر بن علي باباويه القمي : إكمال الدين وتمام النعمة – المجلد 80/654 : موقع السر اج – إنترنت = عقد الدرر ص 62
عن أبي خالد الكابلي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل : ” فأستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا ” قال : يعني أصحاب القائم الثلثماية وبضع عشر هووهم والله الأمة المعدودة يجمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف ” (16(
(16) ينابيع المودة ج3/76
و عند ظهوره المقدس ستنكشف المعجزات والخوارق ظاهرة..
وهو قوله تعالى
” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ”
عن أبي بصير قال : سئل الباقر عليه السلام : عن هذه الآية قال ” يرون قدرة الله في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ” و ” عن أبي بصير قال : سئل الباقر عليه السلام عن هذه الآية قال : يرون قدرة الله في الآفاق وفي أنفسهم، الغرايب والعجايب حتى يتبين لهم أنه خروج القائم عليه السلام هو الحق من الله عز وجل يراه الخلق لابد منه” وقوله تعالى ” هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون عن زرارة بن أعين قال : سألت الباقر عليه السلام عن هذه الآية قال : هي ساعة القائم عليه السلام تأتيهم بغتة” (17)
(17) ينابيع المودة ج3 / 82 ،83
وفي تفسير الصافي :
“ ولئن أخرنا عنهم العذاب : الموعود . إلى أمة معدودة : قيل : الى جماعة من الأوقات قليلة .
والقمي : عن أمير المؤمنين عليه السلام يعني به الوقت . ليقولن : استعجالا واستهزاء . ما يحبسه : ما يمنعه من الوقوع . ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم : ليس العذاب مرفوعا عنهم . وحاق بهم : وأحاط بهم وضع الماضي موضع المستقبل تحقيقا ومبالغة في التهديد . ما كانوا به يستهزؤن .
والقمي : يعني إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليه السلام فنردهم ونعذبهم ( ليقولن ما يحبسه ) أي يقولوا ألا يقوم القائم ؟ ألا يخرج ؟ على حد الاستهزاء . وعن أمير المؤمنين عليه السلام : قال : الأمة المعدودة : أصحاب القائم الثلاثمأة والبضعة عشر .
والعياشي : عن الصادق عليه السلام قال : هو القائم وأصحابه .
وعنه عليه السلام : ( إلى أمة معدودة ) يعني عدة كعدة بدر
( ليس مصروفا عنهم ( قال : العذاب . وعن الباقر عليه السلام : أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، هم والله الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه : وتلا هذه الآية ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة قزعا “ (18)
(18) تفسير الصافي : المجلد 2/ ص 433 (19) ينابيــع المودة : ج3/79
قال الإمام الصادق عليه السلام والإمام الباقر عليه السلام
في قوله تعالى
{ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } هود8
قالا : إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ثلثماية وثلاثة عشر رجلا كعدة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف.. وعن أبي بصير قال: قال جعفر الصادق عليه السلام ما كان قول لوط عليه السلام لقومه ”
{ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } هود80
لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه وهم الركن الشديد فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا وأن قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد لو مروا بالجبال لتدكدكت لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل..
وعن صالح ابن سعيد عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : قوة القائم عليه السلام والركن الشديد أصحابه ثلثماية وثلاث عشر رجلا ”
6 ــ الأمــــة الهاديـــــة
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }الفتح28
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }الصف9 : التوبة3 ..
والآية الكريمة تحمل مكنون المشروع الإلهي في الرسالة والهداية الإنسانية .. وقدر الله تعالى أن يكون مشروع النبوة والولاية الإلهية الأزلية في النبي الأعظم صلى الله عليه وآله الطاهرين والولي الأعظم أمير المؤمنين عليه أنوار الله وسلامه .. والأئمة من ولده عليهم الصلاة والتسليم .. فهم ورثاء النبوة وبوابات العلم والحكمة ..وهم الأمة المهداة المخصوصة .. وقطب الرحى لجماهير المسلمين .
فهم الأمة المرحومة وهم باب الرحمة ونور الهداية ..
وفي القرآن الكريم وردت كلمة هدي بشكل فردي توحيدي عدد 91 وورد اسم الهادي منسوبة لمقام العلي العظيم مرة واحدة في القرآن ” بربك هاديا ” ــ الفرقان : 31 .. ووردت كاسم ” هادي ” فاعل : أيضا ثلاث مرات بعدد فردي توحيدي إعجازي ..” الأعراف :186 ، النمل : 81 ، الروم : 53 .. ووردت بصفة الحالة للمفعول : أي حالة مفعولة في التكوين الالهي الاصطفائي ” مهتدون ” مرة واحده فردية وفيها إعجاز توحيدي ظاهر وتعظيم للحالة المنتجاة وهم العترة النبوية المطهرة . وقد أوصى النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) في غير ذي مناسبة على قدر أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) وكفي قوله (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) : ” ان أهل بيتي لا يقاس عليهم أحدا ولا يقاسوا على أحدا ” وأمير المؤمنين رمز الفتوى والقضاء ..الذي لا يقف في مقامه غيره
وهو المخصوص بالتأويل القرآني
..
قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ( :
” علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان ” ” علي مع الحق والحق مع علي لا يفترقان ” ..أي افتراقه عن القرآن والحق الإلهي أمر ليس من مكوناته ولا من خلقه النوراني .. ولهذا خصه العلي القدير وذريته بأن يكونوا بوابة هداية الأمة حتى يوم القيامة فهم أمة كجدهم محمد وإبراهيم عليهما صلوات الله وسلامه : أمة هادية يختم بها العلي القدير الدين والدنيا فهم والمهدي ) عليه السلام) خليفته منهم .. ” بنا بدأ الدين وبنا يختم ” ” بل منا ، بنا يختم الدين كما بنا يفتح ، وبنا يستنقذون من ضلاله الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك ، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة ، كما ألف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك ”
” عن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده عليه السلام قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله « إذا جاء نصر الله والفتح » قال لي : يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح . .
يا علي إن المهدي هو إتباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والبخس بالزكاة ، والسحت بالهدية ، قلت : يا رسول الله ، فما هم إذا فعلوا ذلك ، أهم أهل ردة أم أهل فتنة ؟ قال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل ، فقلت : يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال : بل منا ، بنا يفتح الله ، وبنا يختم الله ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف الله بين القلوب بعد الفتنة فقلت : الحمد لله على ما وهب لنا من فضله ”
فصلنا كل هذه الأحاديث في كتابنا : خليفة الله المهدي عليه السلام ” النزول ، الخروج ، تحرير القدس ” تحت الطبع ” وهي أحاديث صحيحة في حكم المشهور : أمالي الطوسي : ج 1 ص 63 – عن المفيد ، بسنده . ملاحم ابن طاووس : ص 84 – 85 ب 191 -
عن ابن حماد ، وقال فيما ذكره نعيم من أن المهدي وأئمة الهدى من أهل بيت النبوة وبهم يختم . “
فهم عليهم السلام .. ختم الهداية في العالمين
( ثورة ختم النور في مواجهة كلية ختم ثورة المفسدون !! )
أخرج ابن جرير وابن مروديه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجار قال :
لما نزلت إنما أنت منذر ولكل قوم هاد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال : ” أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي – رضي الله عنه – فقال : أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي ” (1)
(1) الدر المنثورج4/608 الناشر : دار الفكر – بيروت ، 1993
“عن إسماعيل عن يحيى بن رافع في قوله :
{ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } قال : قائد
وقال آخرون : هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري قال حدثنا معاذ بن مسلم بياع الهروي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت :
{ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد }
وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر
{ ولكل قوم هاد } وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي ” (2(
(2) الطبري :جامع البيان ج7/ تفسير قوله تعالى :
“إنما أنت منذر ولكل قوم هاد “الرعد/7
.. أما ابن كثير فذكر أن في الحديث نكارة !! لكنه اعتمد الرواية بصورة مختلفة : “ عن السدي عن عبد خير عن علي { ولكل قوم هاد } قال : الهادي رجل من بني هاشم قال الجنيد :
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن عباس في إحدى الروايات وعن أبي جعفر محمد بن علي نحو ذلك “(3(
(3) تفسير ابن كثير ج 2/659 تفسير الرعد : 7 ”
رواه الشوكاني في فتح القدير عن : ” وأخرج ابن جرير عن عكرمة وأبي الضحى نحوه وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن ابن عباس قال : لما نزلت { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } [ وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال : ( أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي فقال : أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي ] (4)
(4) فتح القدير ج3/99 تفسير قوله تعالى : ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
وقال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) لأصحابه :
” وإن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الصراط المستقيم ولن تفعلوا “ (5(
(5) مسند البزار ج3/32 رقم783341
) اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا ))
6 الطبراني : الكبير ج2/299 رقم 2252 ، 2253 = سنن والبيهقي ج9////174 رقم ــ1833365
{ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة 157 {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
{اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ }يس 21
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً }مريم76
.. وقد ذكر الألوسي رحمه الله الحديث : ” وأخرج ابن جرير وابن مردويه والديلمي وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما نزلت إنما أنت منذر الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال : ( أنا المنذر وأومأ بيده الى منكب على كرم الله تعالى وجهه فقال : أنت الهادي ياعلي بك يهتدي المهتدون من بعدي ) : وأخرج عبدا لله بن أحمد في زوائد المسند وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن عساكر أيضا عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في الآية : رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المنذر وأنا الهادي وفي لفظ والهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه ) .. ( وقال الألوسي في السياق ( : واستدل بذلك الشيعة على خلافة علي كرم الله تعالى وجهه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا فصل وأجيب بأنا لا سلم صحة الخبر وتصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار عند أهل الأثر وليس في الآية دلالة على ما تضمنه بوجه من الوجوه على أن قصارى ما فيه كونه كرم الله تعالى وجهه به يهتدي المهتدون بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك لا يستدعي إلا إثبات مرتبة الإرشاد وهو أمر والخلافة التي نقول بها أمر لاتلازم بينهما عندنا
وقال بعضهم : إن صح الخبر يلزم القول بصحة خلافة الثلاثة رضي الله تعالى عنهم حيث دل على أنه كرم الله تعالى وجهه على الحق فيما يأتي ويذر وأنه الذي يهتدي به ” (7(
(7) روح المعاني :ج13/108 الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت .
ان وعينا بخصوصية وعمومية مصطلح ( الأمة في القرآن ) يجب أن نكون بحق محمديون وأن نكون كما في القرآن ختم المسك في تسجيلاتنا
ونرى في اعتماد الألوسي رحمه الله لصحة الحديث في جدنا علي عليه السلام مقبولا !! : وفي تفسيره لسورة المائدة ذكر بوضوح جلي أن الولاية الباطنية هي لأهل البيت عليه السلام وذكرها لخليفة الله المهدي عليه السلام مترضيا عليه بشدة مشكورا ..
الألوسي : ( تفسير الألوسي ) : الجزء : 6، ص 187 ، الوفاة : 1270( تفسير قوله تعالى :
( الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (
عن أبي الحمراء قال قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين الله عليه وآله الطاهرين ( :
( من أراد أن ينظر إلى ادم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب “(8(
(8) تاريخ دمشق ج42/ 313 رقم 8862 = وفي ينابيع المودة للقندوزي ” بإختلاف يسير : ج1/ 121 الباب الأول ”
وذكر الحديث بوجهة أخري المغازلي الشافعي : قال
( صلى الله عليه وآله الطاهرين ( :
” من أراد أن ينظر الى علم الى علم آدم وفقه نوح فلينظر الى علي “(9(
(9) أبي الحسن الشافعي ” ابن المغازلي :مناقب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام ) ص 200 رقم 256 .
” وكيف لا يكون أمير المؤمنين وهو مخلوق من نور الله تعالى !!
والنظر في وجهه عبادة “(10)...
(10 ) المستدرك ج3/152 رقم 4682 = حلية الأولياء ج5/58
وهذه أم المؤمنين عائشة وأبيها رضي الله عنهم تروي : ” عن عروه عن عائشة قالت : رأيت أبا بكر يكثر النظر الى وجه عليّّّّ فقلت له : يا أبه أراك تكثر النظر الى وجه علي ؟ ــ فقال لها ــ:
( يا بنية سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) يقول : ” النظر الى علي بن أبي طالب عباده ” . (11(
(11) ابن المغازلي الشافعي : نفس المصدر ص 199 رقم 253 , 245″ = هامش المغازلي : أخرجه الخطيب الخوارزمي في مناقبه 252. نقلا عن شيخه الزمخشري . من طريق ابن السمان ، في الموافقة ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى 95 ، والرياض النضرة 2/219 ”
حدثنا جعفر بن برقان قال : بلغني أن عائشة (رضي الله عنهم الله عنها ) تقول : ” زينوا مجالسكم بذكر علي عليه السلام . (12(
(12) ابن المغازلي : نفس المصدر ص199 لرقم 255
{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ }الجاثية20
... وقد ذكر ابن عساكر رحمه الله : عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت ” إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ”
قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم (
: ) أنا المنذر وعلي الهادي بك يا علي يهتدي المهتدون “
” عن زيد بن يثيع عن على رضي الله عنه قال قيل :
يا رسول الله من يؤمر بعدك قال ان تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وان تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومه لائم وان تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم ” (13(
(13) تاريخ دمشق ج42/ 214 ورقم 359 ط دار الفكر بيروت .
“ لقد كان أمة وكان النبي أمة الأمم ؟؟ قال النبي الأعظم :
صلى الله عليه وآله وسلم
” أنا وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة ” ـ يعني عليا ” . (14)
(14) .ابن المغازلي الشافعي : مناقب الإمام علي بن أبي طالب (ع) .ط دار الأضواء بيروت 2/1412 ــ1429 ص93 رقم 67 = تاريخ بغداد ج2/86 .. ط دار المكتبة العلمية 1997 .. ” حجة على خلقه ” ميزان الإعتدال ، ط عيسى الحلبي رقم 8590 ..
وهكذا ترسم الصورة الحقة لموازين العدل الإلهي وحملة الأمانة والهداية المقدسة .. إنهم آل النبي محمد الطاهرين … عشاق الصحابة وكل الأبرار.. ورثاء النبوة والأمة والتاريخ .. وهم قول الحق :
{أوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }الأنعام90
7ــ الأمـــــة القائمــة
{ لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } آل عمران113
و قد ورد هذا المصطلح القرآني لمرة واحدة توحيدية في سياق سورة آل عمران ..والآية وفي هذه الآية الاستثنائية الكريمة إنما تؤكد حالة النزول والتنزيل على صدر النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) وهو القائم بالدين والشريعة وهم الذين يتلون الحق بالحق ويتلون النور بالنور .. ويتلقاها النور من النور .. إنه النور الإلهي الممتد عبر بحر النبوة من أمير العترة النبوية المطهرة علي (عليه السلام ) الى خاتم الدين وخليفة الله المتعالي المهدي القائم (عليه السلام ) حملة الرسالة القرآن والعترة الذين لا يفترقان . ” ليسوا سواء ”
يعني في المصطلح الحديثي :
” لا يقاس عليهم أحدا ولا يقاسوا على أحدا “
يتلون القرآن ويحكمون التأويل بعد التنزيل تحفهم الملائكة وأشباه الملائكة من الأصحاب والتابعين .. وصولا للأمة المستبقاة المعدودة ” أمة معدودة” هود : 8 يتلون كتاب الله في العالمين والأمم .. فهم النمط الأوسط الموصول العارف .. ينهلون من نهل النبوة المشرفة ، وفي الاستثناء وضوح جلي واضح فيه مقامه وعطاءه على امتداد التاريخ .. وعلى امتداد التاريخ لم توجد أي عصبة مؤمنة أعطت عطائهم في العلم والنور و الحكمة .. والأمة القائمة في المصطلح القرآني : هي ذات المصطلح القرآني ( الأمة المعدودة (
وهي الأمة المسلمة وفي اللغة : القيام هو توصيف شمولي لحركة التغيير السلوكي والعقلاني النقيض ، والقيام يجيء نقيضا للقعود والماشي نقيضا للواقف .. وبالتالي سنرى في مبحثنا : ( القيام والقائم في المصطلح القرآني ) مصطلحا يستوعب قضية الثورة التغييرية وتحديد وجهتها القيادية والقوامة في المصطلح القرآني هي القيادة المؤهلة والمؤملة .. فليس كل قائم قائد ولا كل قائد قائم .. والقوامة حركة شمولية في مملكة الوعي الذاتي ورصيد رباني قادر بوصاله الإلهي على الإحاطة بمناهج ووسائط التعبئة التغييرية والثورة ، سواء على المستوى الفردي أو الجمعي ولا فرق في هذا العطاء بين ذكر أو أنثى” بعضكم من بعض ” الاختيار والعطاء في الأمة القوامة في الأصل هو عطاء إلهيا واصطفاء ربانيا .. والخيار البشري الخاتم في زمن الظهور المهدوي عليه السلام يكون فقط وفقط من هؤلاء المصطفين وهم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) وعترته أهل بيته النورانيين ” وهم كما في جملة الأحاديث الصحيحة : ” الذين لا يقاس عليهم أحدا ولا يقاسوا على أحدا ” فهم الذين يحددون الطائفة المرجوة ” أذرع الثورة التغييرية “
{ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }الكهف : 14
وفي الآية ” أهل الكتاب في المصطلح القرآني : ” هم أهل النبي
(صلى الله عليه وآله الطاهرين ) وهم في المصطلح الحديثي ” أهل الله ” والساجدون في الأزل ” وتقلبك في الساجدين ” أي في ظهور وأرحام الساجدين : ” الأنبياء .
{ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً }الجن19
وعبد الله القائم بأصل الدين والشريعة هو النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) ..” وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح ومنه قوله تعالى :
{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ ..ً } النساء :34 ..
وقوله تعالى :
{ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ }آل عمران75 ..
أي ملازماً محافظاً ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات .. وقوله تعالى : ” مادمت عليه قائما ” فهي توصيف لحالة التعبئة الثورية لمواجهة الحركة المعادية للإسلام والنبوة وهم الذين يشيعون الدعاية المستكبرة على ” آل البيت وأنصارهم عبر التاريخ ” والسبيل هوة النبي وعترته وحركة الصحابة المجاهدة الذين ساروا خلفهم بالإحسان ” يعني المجاهدة والقيام بالواجب الإلهي ..
وفي لسان العرب:
“ وعليه فسروا قوله سبحانه ” وإذا أَظلم عليهم قاموا ” البقرة : 20 .. قال أهل اللغة والتفسير : : قاموا هنا بمعنى وقَفُوا وثبتوا في مكانهم غير متقدّمين ولا متأَخرين ومنه التَّوَقُّف في الأَمر وهو الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له ومنه الحديث : “المؤمن وَقَّافٌ متَأَنٍّ “وعلى ذلك قول الأَعشى كانت وَصاةٌ وحاجاتٌ لها كَفَفُ لَوْ أَنَّ صْحْبَكَ إذْ نادَيْتَهم وقَفُوا أي ثبتوا ولم يتقدَّموا ومنه قول هُدبة يصف فلاة لا يهتدي فيها يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه يَعَضُّ على إبْهامِه وهو واقِفُ أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم ولا يتأَخر قال ومنه قول مزاحم أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ منَ الحَيِّ واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً ولا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ قال فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية .. قال ومنه قامت الدابة إذا وقفت عن السير وقام عندهم الحق أي ثبت ولم يبرح ومنه قولهم أقام بالمكان هو بمعنى الثبات ويقال قام الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً وإذا جَمد أيضاً قال وعليه فسر بيت أبي الطيب وكذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ سالَ النُّضارُ بها وقام الماء أي ثبت متحيراً جامداً وقامَت السُّوق إذا نفَقت ونامت إذا كسدت وسُوق قائِمة نافِقة وسُوق نائِمة كاسِدة وقاوَمْتُه قِواماً قُمْت معه ” .. ” وقوله تعالى لا مقَامَ لكم أي لا موضع لكم وقُرئ لا مُقام لكم بالضم أي لا إقامة لكم وحَسُنت مُستقَرّاً ومُقاماً أَي موضعاً وقول لبيد عَفَتِ الدِّيارُ مَحلُّها فَمُقامُها بِمنىً تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها يعني الإقامة وقوله عزَّ وجل كم تركوا من جنات وعيون وزُروع ومَقام كَريم قيل المَقامُ الكريم هو المِنْبَر وقيل المنزلة الحسَنة” .. “ قال ابن سيده وعندي أن قامة اسم كالطّاعةِ والطّاقَةِ التهذيب أَقَمْتُ إقامةً فإذا أَضَفْت حَذَفْت الهاء كقوله تعالى وإقام الصلاةِ وإيتاء الزكاةِ الجوهري وأَقامَ بالمكان إقامةً والهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً وأَقامَه من موضعه وأقامَ الشيء أَدامَه من قوله تعالى ويُقِيمون الصلاةَ وقوله تعالى وإنَّها لبِسَبيل مُقِيم أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق بيِّن واضح هذا قول الزجاج والاسْتِقامةُ الاعْتدالُ يقال اسْتَقامَ له الأمر وقوله تعالى فاسْتَقِيمُوا إليه أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ وقامَ الشيءُ واسْتقامَ اعْتدَل واستوى وقوله تعالى إن الذين قالوا ربُّنا الله ثم اسْتَقاموا معنى قوله اسْتَقامُوا عملوا بطاعته ولَزِموا سُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقال الأَسود بن مالك ثم استقاموا لم يشركوا به شيئاً وقال قتادة استقاموا على طاعة الله قال كعب بن زهير فَهُمْ صَرفُوكم حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى بأَسْيافِهِِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ قال القِيَمُ الاسْتِقامةُ وفي الحديث قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ فسر على وجهين قيل هو الاسْتقامة على الطاعة وقيل هو ترك الشِّرك أَبو زيد أَقمْتُ الشيء وقَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام قال والاسْتِقامة اعتدال الشيء واسْتِواؤه واسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه وأَثنى عليه وقامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ وقام قائمٌ الظَّهِيرة قال الراجز وقامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ والقَوامُ العَدْل قال تعالى وكان بين ذلك قَواماً وقوله تعالى إنّ هذا القرآن يَهْدِي للتي هي أَقْومُ قال الزجاج معناه للحالة التي هي أَقْوَمُ الحالاتِ وهي تَوْحِيدُ الله وشهادةُ أن لا إله إلا الله والإيمانُ برُسُله والعمل بطاعته وقَوَّمَه ” (1)
“( 1) .لسان العرب ج12/ 496 باب ” قوم ” لناشر : دار صادر – بيروت ، الطبعة الأولى
وهكذا نرى جوهر مفهوم الإستقامة هو إرساء ثورة العدل في رسالة الثورة الإلهية . ” وكلُّ من ثبت على شيء وتمسك به فهو قائم عليه وقال تعالى ليْسُوا سَواء من أهل الكتاب أُمَّةٌ قائمةٌ إنما هو من المُواظبة على الدين والقيام به الفراء القائم المتمسك بدينه ثم ذكر هذا الحديث وقال الفراء أُمَّة قائمة أي متمسكة بدينها وقوله عز وجل لا يُؤَدِّه إليك إلا ما دُمت عليه قائماً أي مُواظِباً مُلازِماً ومنه قيل في الكلام للخليفة هو القائِمُ بالأمر وكذلك فلان قائِمٌ بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به قال ابن بري والقائِمُ على الشيء الثابت عليه وعليه قوله تعالى من أهل الكتاب أُمةٌ قائمةٌ أي مواظِبة على الدين ثابتة يقال قام فلان على الشيء إذا ثبت عليه وتمسك به ” ، ” قال الأَزهري والقول ما قالا وقيل أباء في القَيِّمة للمبالغة ودين قَيِّمٌ كذلك وفي التنزيل العزيز ديناً قِيَماً مِلَّةَ إبراهيم وقال اللحياني وقد قُرئ ديناً قَيِّماً أي مستقيماً قال أَبو إسحق القَيِّمُ هو المُسْتَقيم “ (2(
(2) لسان العرب : المصدر السابق
والصراط المستقيم وهو دليل الأمة نحو الغايات المرجوة ” وكل من ثبت على شئ وتمسك به فهو قائم عليه وقوله تعالى أمة قائمة إنما هو من المواظبة على الدين والقيام به وقال الفراء القائم المتمسك بدينه ثم ذكر هذا الحديث * ومما يستدرك عليه القامة جمع قائم ” (3(
(3)الفيروز أبادي : القاموس المحيط ج1/787 باب ” قاف
وسمات هذه الأمة تنعكس على جماهير المسلمين
فهي الطائفة المرشحة للملف التغييري وقد حددت كتب الحديث موطن أغلبها وهو في وجهتنا حسب الحديث ..
.. وإذا كان القيام كمصطلح يعني الثورة وإعلان حركة التعارض مع قوى البغي والجاهلية الوثنية فهذا يعطيهم صفة المصلحين ” قيل من هم الغرباء يارسول الله ” قال : (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) : ” الذين يصلحون ما أفسد الناس ” فالإصلاح هو الثورة المقاومة لقوى البغي والاستغلال وهم كما في المدخل القرآني حالة الاستثناء “عن ابن مسعود قال : “ أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ] قال : فنزلت هذه الآيات { ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين } .. “ وهؤلاء الذين أسلموا ولهذا قال تعالى : { ليسوا سواء } أي ليسوا كلهم على حد سواء بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ولهذا قال تعالى : { من أهل الكتاب أمة قائمة } أي قائمة بأمر الله مطيعة لشرعه متبعة نبي الله فهي قائمة يعني مستقيمة { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (4)
(4) تفسير ابن كثير ج1/527 تفسير قوله تعالى :” ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ”
” وفيه حركة التمايز واضحة أن الأمة المحمدية هي متميزة عن أهل الكتاب بوحدتها التوحيدية وتكاملها في الفضيلة والمؤاخاة والتطهير وهم المسارعون في الخيرات والله يشهد لهم أنهم الصالحون .. والسرعة تفيد استيضاح شكل قوة الحالة الجهادية بروحيتها الثورية الوقادة وهذا يعطيها سمات القوة والسرعة في الآية تفيد السبق والسابقون هم أهل البيت عليهم صلوات الله وسلامه عليه .. وأمير المؤمنين (عليه السلام ) هو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم وهو أول من أسلم بإجماع المسلمين وأهل السير “ روى عباد بن عبد الله قال
: – قال علي أنا عبد الله وأخو رسوله صلى الله عليه وسلم . وأنا الصديق الأكبر . لا يقولها بعدي إلا كذاب . صليت قبل الناس لسبع سنين” (5)
(5) سنن ابن ماجة ج1/ 44 رقم 120 الناشر : دار الفكر – بيروت ، في الزوائد هذا الإسناد صحيح . رجاله ثقات . رواه الحاكم في المستدرك عن المنهال
وقال صحيح على شرط الشيخين = المستدرك ج3/120 رقم لناشر : دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة الأولى ، 1411 – 1990رقم 4584 الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1411 – 1990 .
وفي تفسير الثعلبي : بالإسناد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه
عن النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) قال :
” سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب (عليه السلام ) وصاحب ياسين ومؤمن آل فرعون فهم الصديقون وعلي أفضلهم “ (6(
(6) الطبرسي : مجمع البيان : المجلد 8/205 وذكر الخبر القرطبي رحمه الله : وقال ابن أبي ليلى :
( سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : علي بن أبي طالب وهو أفضلهم ومؤمن آل فرعون وصاحب يس فهم الصديقون .. )
ذكره الزمخشري مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “
وذكر الحديث الألوسي رحمه الله : ” بنفس السند ..” (7(
. (7) روح المعاني ج22/225 الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت = حلية الأولياءج1/8 =الزمخشري : الكشاف ج1/1646 .
وهم الشاهدون بالحق في الأمم وفيهم قوله تعالى :
{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }الأعراف181
وأخرج الشوكاني رحمه الله :
” … عن ابن جرير وابن أبي حاتم عنه { أمة قائمة } يقول : مهتدية قائمة على أمر الله لم تنزع عنه ولم تتركه الآخرون وضيعوه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم قال { أمة قائمة } عادلة ” وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله :
{ ليسوا سواء } قال : لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد
{ يتلون آيات الله آناء الليل } ..” (8(
(8) فتح القدير ج1/ 564
وفي تفسير البغوي رحمه الله : ” قال ابن سعود رضي الله عنه معناه :
(9) لا يستوي اليهود وأمة محمد صلى الله عليه وسلم القائمة بأمر الله الثابتة على الحق المستقيمة وقوله تعالى { أمة قائمة } قال ابن عباس : أي مهتدية قائمة على أمر الله لم يضيعوه ولم يتركوه
وقال مجاهد : عادلة وقال السدي : مطيعة قائمة على كتاب الله وحدوده وقيل : قائمة في الصلاة وقيل : الأمة الطريقة
ومعنى الآية : أي ذو أمة أي : ذو طريقة مستقيمة ” (9)
(9) تفسير البغوي ج1/42 تفسير الآية .. = تفسير البيضاوي ج1/ 79 ط دار الحديث
تحديد وجهة الأمة المهتدية القائمة القانتة من آل النبي محمد صلى الله عليه وآله أجمعين هي المسلمة زمامها المنقادة لإمامها الهادي العادل المهدي الموعود (عليه السلام (
” قال النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ( :
” لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضيرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ” (10
(10) البغوي : معالم التنزيل ج1/308
أنظر قارئي بداية وضوح المصطلح الحديثي في قوله صلى الله عليه وآله الطاهرين : (من أمتي أمة قائمة بأمر الله ) وتحتوى لكمال المصطلح القرآني ثلاث مقاطع هامة جدا وهي ( أمتي ، قائمة ، أمر الله ) أي الأمة القائمة بأمر الله تعالى وفي التفاسير تؤكد أن أمر الله هم السيد المهدي والسيد المسيح عليهم السلام … والأمة تنظر قدومهم لنشر ثقافة العدل الالهي والقسط التحريرية .. وتجمع الأحاديث بوجودهم كمصطلح مرجو التأكيد وحالة تقتضي البروز ( أمة قائمة )” .. ( من أمتي قوامة على أمر الله ) .. في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس ” [ حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ] وفي رواية [ وهم بالشام " (11(
(11) تفسير ابن كثير ج2/352 تفسير قوله تعالى : "وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ( وهم المرابطون القوامون على الحق
وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله عز وجل لا يضرها من " (12(
(12) السيوطي : الدر المنثور ج1/ الناشر : دار الفكر – بيروت ،وذكر الحديث بلفظ " طائفة " أنظر موسوعتنا في المصطلح القرآني " باب : مصطلح الطائفة والطائفية في القرآن .. ينشر بمشيئة الرحمن قريبا
وهكذا يتقاطع المصطلح الحديثي بسياق المصطلح القرآني في إرساء مفهوم " الأمة القائمة "وهي النمط الصلب : " لا يضيرها من خالفها " ومركزية هذه الطائفة كما حددتها وجهتنا الحديثية : هي فلسطين المقدسة والمحور الشامي " في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس .. وفي مبحثنا : الأبدال : وجهتنا وخيارنا أكدنا على خيار " الأمة القوامة الثورية المقاتلة " وهي مهما كبرت المؤامرة وتصاعد نهج الردة الوثنية والخيانة فانها لا تزال مرابطة صلبة ظاهرة على أركان الزيف والباطل .. وتتعزز كيان ثوريتها المواجهة بوجود قائم آل محمد المطهرين على أبواب الشام والأرض المقدسة ..
عن أبي الطفيل عن علي قال سمعت عليا يقول إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع ، الخريف فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة وأما الأبدال فمن أهل الشام " (13)
(13) تاريخ دمشق ج1/ 297 = الصواعق المحرقة لإبن حجر الهيثمي ج2/476 لناشر : مؤسسة الرسالة – بيروت ، الطبعة الأولى ، 1997
ويفاد من الأحاديث وعند أهل التفسير أن " أمر الساعة " هو المهدي الموعود عليه صلوات الله وسلامه عليه ...
وجاء في الصواعق المحرقة :
" قوله تعالى وإنه لعلم للساعة " الزخرف 61
.. قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين إن هذه الآية نزلت في المهدي وستأتي الأحاديث المصرحة بأنه من أهل البيت النبوي وحينئذ ففي الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة رضي الله عنهما وأن الله ليخرج منهما كثيرا طيبا وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة" . (14(
(14) الصواعق المحرقة : نفس المصدر ص 469 ...
وبقية الله المهدي عليه صلوات الله وسلامه الوارد ذكره كقيادة أمة وخليفة رب الأمة في القرآن والتوراة والإنجيل هو ترجمان الحالة وحامل سرها فهو الأمة المرجوة المنظرة وجماهير جده المصطفى هم " أمته المنشودة فهم سربال ثورته المقدسة وحاملي سيف عدالته .. "هذا ومن باب الإشارة ليسوا سواء من حيث الاستعداد وظهور الحق فيهم من أهل الكتاب الذين ظهرت فيهم نقوش الكتاب الإلهي الأزلي أمة قائمة بالله تعالى له يتلون آيات الله أي يظهرون للمستعدين ما فاض عليهم من الأسرار آناء الليل أوقات ليل الجهالة وظلمة الحيرة وهم يسجدون أي يخضعون لله تعالى ولا يحدث فيهم الأنانية إنهم عالمون وأن من سواهم جاهلون " (15 (15)
) روح المعاني للألوسي ج4/ 52
" وبه يعدلون " أي بالمهدي يعدلون بعد قيامة بالقيام الثورة وهو الذي يقيم الأحكام الشرعية الإلهية .. والقيام هي سمة أئمة آل البيت عليهم السلام ، قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) : " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا " وقيامهم بالخروج يكون أمرا إلهيا .. قال الزمخشري في الكشاف : " وقوله : " من أهل الكتاب أمة قائمة " كلام مستأنف لبيان قوله : " ليسوا سواء " كما وقع قوله : " تأمرون بالمعروف " آل عمران : 110 ، بيانا لقوله " كنتم خير أمة " " أمة قائمة " . مستقيمة عادلة " (16(
(16) الزمخشري : ( الكشاف ) ج1/ 201
قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله " " هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الحق "(17(
(17) البخاري ج1/ 39/ رقم 71 + أخرجه مسلم في الزكاة " باب النهي عن المسألة رقم 1037 = الطبراني ج19/329 مكتبة العلوم والحكم 1983 رقم الحديث 755 ج 19/380 رقم 893 ، ورقم 390
" وهم ظاهرون على الناس "= " وهم ظافرون على الناس " قال عمير ابن هانئ : فقام مالك بن يخامر فقال : سمعت معاذ بن جبل يقول : " وهم بالشام " (18(
(18): كنز العمال ج14/ 31 رقم 37887 = مثله : كشف الخفاء للعجلوني ج2/1644 رقم 2647 = تاريخ دمشق ج1/264 ..
في لسان العرب : " كل من ثبت على الحق وتمسك به فهو قائم عليه . وقال تعالى : " ليســوا سواء " من أهل الكتاب : " أمة قائمة " إنما هو للمواظبة على الدين والقيام به " (19(
. (19) لسان العرب ج12 / 496 = تاج العروس ج1/ 7870
وهكذا ننهي مبحثنا مؤكدين أن هذه الأمة المصطفاة القائمة على الحق . إنما هي من نور الحق والحق هو الحي القيوم والفيومية هي الإرادة الإلهية المدبرة والقائمة بالحق .. وعبادنا هم الحق الإلهي في هذا العالم
وفي زمن العلو الإسلامي النبوي يكون الخيار المهدوي قيوميا .. يستلهم النور من وجهه النور ومن ذات القيومية المقدسة نستلهم وجهتنا نحن آل النبي محمد الظاهرين على الحق في وجه طغاة الأمم والعوالم .. يا آل محمد ومحبيكم والمؤمنين خلفكم الله يكلم بالحق : "
{ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }الأنبياء9
8 ــ أمة مقتصــدة
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ }المائدة66
وهذا المصطلح المنبثق من المصطلح الأم الأشمل " الأمة " وبإضافته إليه يشكل حالة مستقلة تقوم بدور التوصيف وإبراز الحقيقة الإيمانية المقدسة " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " .. وفي مدخل الموضوع نؤكد أن هذا المصطلح قد تعرض كغيره من المصطلحات القرآنية لحالة من عدم البيان المتعمدة والتشتت في الآراء في تعريفه ، وذلك بفعل سياسات الضغط الأموية والاتجاه الديني الرسمي المعادي لكلية الأصول !! بحيث يدفع تنزيل القرآن العظيم لحسابات اليهود وأهل الكتاب عامة ( الخط الأعرابي الفريسي (... ويكون بالتالي عرضة للجدل ووجهات النظر ويلحق كباقي تفسير القرآن بعبارة معهودة " اختلف العلماء " وبحديث ليس له أصل " اختلاف أمتي رحمة !! والأصل في التنزيل كما بينا في جميع مباحثنا هو من صاحب التنزيل الى النبوة وأهل النبوة وهو قوله تعالى :
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }النور6
وفي التفسير هي بيوت الأنبياء عليهم السلام . ويشار الى أن مصطلح الأمة المقتصدة هو أمة بذاته وقد ورد في القرآن العظيم بصورة فردية توحيدية . تعبر عن طبيعة الأمة والحالة العبا دية المقدسة " عبادنا " .. " عبادي " ولخصوصية هذه المصطلحات كما سيجيء ببيت النبوة عليهم السلام فقد تعرض للملاحقة من جماعات الناكثين والقاسطين لآل محمد الطاهرين !! ومثال ذلك للمراجعة في مبحثنا لمصطلح : " الإمام المبين "
تناولت بالبحث المقارن لحوالي عشرين تفسيرا لم أجد اتفاق على اثنين منها حتى على ظاهر المصطلح : الإمام وهو الخليفة ذو السلطان ؟؟ وذلك لأن الموسوعة الحديثية قد وضحت ان الإمام المبين هو أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) وقد شرحناه في تفسيرنا لسورة ياسين " آهل البيت في ظلال القرآن الكريم " وهو الأمة المقتصدة المتسمة بشفافين الإيمان والوسطية المعتدلة . ومثله مصطلحات عديدة مثل : " أمر الله " ، " علم الساعة " وكلها تؤكد على عمق القيمة البيانية لحالة أهل البيت كأمة مستقلة لها مرجعيتها في النبوة والإمامة .. وفي سياق قراءتنا للمصطلح " الأمة المقتصدة " رأينا في القرآن ولدى علماء التفسير أن أهل الكتاب لم يقيموا التوراة والانجيل لما استبدلهم الله تعالى بالنبوة المحمدية الخاتمة .. " منهم أمة مقتصدة " أي على الحق والبشارة ومنهم الأسباط وحواريي المسيح عليهم السلام . والأمة المقتصدة : هي المدخرة للحق أو دائرة النور ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [ تفرقت أمة موسى على إحدى وسبعين ملة : سبعون منها في النار وواحدة في الجنة وتفرقت أمة عيسى على ثنتين وسبعين ملة : واحدة في الجنة وإحدى وسبعون منها في النار وتعلو أمتي على الفرقتين جميعا واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ] قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال [ الجماعات الجماعات ] (1)
(1) تفسير ابن كثير ج 2/104قوله تعالى : منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون (66 ..
وفيه دليل على حالة تمزق الأمة وتحزبها الى منظمات سياسية ومذهبية ومصالحيه قديمة ومعاصرة
{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }المؤمنون53
ولهذا نرى في أصول التنزيل صورة البيان وأصول الحقيقة .. أن المهدوف والمختص بالنزول في المصطلح هو أمة النبي محمد (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) خاصة وعامة .. وتقديم صورة واضحة لحقيقة الاختلاف بعد النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) وهو المتعلق بانقلاب أعداء آل البيت (عليهم السلام ) على الأنموذج القرآني الحق في الكمال والتنزيل . وإنما المثال القرآني كما ذكرنا في مباحثنا هو لتقريب الصورة مع الأنموذج الأساس وهو الرسالة المقدسة في النبوة والعترة .
“ وقوله تعالى : { منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } كقوله { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } وكقوله عن أتباع عيسى { فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم } الآية فجعل أعلى مقاماتهم الاقتصاد وهو أوسط مقامات هذه الأمة وفوق ذلك رتبة السابقين كما في قوله عز وجل : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ” (2(
(2) نفس المصدر السابق
هو في ذات قراءة الحالة في روح المصطلح وأصوله بعيدا عن سياسات التسويف والقبول الزائف لحقيقة الأصول !! عن ” زيد بن أسلم عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [ تفرقت أمة موسى على إحدى وسبعين ملة : سبعون منها في النار وواحدة في الجنة وتفرقت أمة عيسى على اثنتين وسبعين ملة : واحدة في الجنة وإحدى وسبعون منها في النار وتعلو أمتي على الفرقتين جميعا واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ] قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال [ الجماعات الجماعات ] ، قال يعقوب بن زيد : كان علي بن أبي طالب إذا حدّث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا فيه قرآنا قال : { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم } إلى قوله تعالى : { منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } وتلا أيضا قوله تعالى : { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } يعني أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم “ (3)
(3) تفسير ابن كثير : نفس المصدر السابق =الشوكاني : فتح القدير ج2/85
ويمكننا تحديد الأمة المقتصدة هي ” الفرقة الناجية ” :
أنظر موسوعتنا في المصطلح القرآني ( مصطلح جماعة المسلمين ) و ( مصطلح الفرقة الناجية ) و ( مصطلح الأبدال الالهيون )
” أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : افترقت بنو إسرائيل بعد موسى إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة وافترقت النصارى بعد عيسى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة ولتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة فأما اليهود فإن الله يقول :
{ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون }
فهذه التي تنجو وأما النصارى فإن الله يقول :
{ منهم أمة مقتصدة } فهذه التي تنجو وأما نحن فيقول :
{ وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } فهذه التي تنجو من هذه الأمة ” وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام ) تحديده للفرقة الناجية :
” أخرج الموفق بن أحمد الخوارزمي عن زادان عن علي (عليه السلام ) قال : ” تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة وواحدة في الجنة وهي الذين قال الله عز وجل في حقهم ” وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ” وهم أنا ومحبي وأتباعي ” (4(
(4)القندوزي الحنفي : ينابيع المودة ج1/ الباب 5 /ص 109
وهم أهل العدل والقسط وأمة المهدي العادلة في ختام الدنيا :
” أم سلمة قالت
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” المهدي من عترتي ( ولد الرجل لصلبه ) من ولد فاطمة “ (5)
(5) سنن أبي داوود ج2/509 رقم 4289 الناشر : دار الفكر = سنن ابن ماجه ج2/1368 رقم 4086 الناشر : دار الفكر – بيروت
” المهدي منك يا فاطمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا “ .. وأخرج أبو الشيخ عن السدي أمة مقتصدة يقول مؤمنة ” تفسير قوله تعالى : ” منهم أمة مقتصدة ” (6(
(6) الدر المنثور ج3/115 “ ، الناشر : دار الفكر – بيروت ، 1993
“ أسباط عن السدي : { منهم أمة مقتصدة } يقول : مؤمنة ، قال زيد : أهل طاعة الله ” (7 (
7 -- تفسير الطبري ج4/644
قال الشوكاني رحمه الله : { منهم أمة مقتصدة } ، “ فهذه التي تنجو وأما نحن فيقول : { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون }
فهذه التي تنجو من هذه الأمة “ (8(
(8) فتح القدير ج2/ 357
” قال محمد بن كعب : فهؤلاء أمة مقتصدة الذين قالوا : عيسى عبد الله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم ” (9(
(9) نفس المصدر السابق ص122
لم يقل ذلك سوى حواريوا السيد المسيح وتلاميذه وهم ” المختارين ” كما في إنجيل متى … والأشبه بهم حواريوا أمير المؤمنين (عليه السلام ) و حواريوا المهدي (عليه السلام ) فهم الأمة المعدودة .. وهم القاصدون نحو الله وهم أهل العدل والقسط لا يفرطون ولا يبالغون ولا يغالون في الدين وهم حواريوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حجة الله و أمين الأمم وخلاصة النبوة والأنبياء عليهم السلام .. وأمير المؤمنين (عليه السلام) هو الأشبه بالسيد المسيح (عليه السلام) ” عن علي بن أبي طالب قال دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال إن فيك من عيسى مثلا أبغضته يهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به … (10)
. (10) ” تاريخ دمشق ج42/293 رقم 8825 ، 8826، 8827 …
..” أما رضي له مثلا ” إلا عيسى فنزلت ” ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون “ الزخرف : 44 ” (11(
“ (11) الموفق الخوارزمي : مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام )ص 157
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل } : بإذاعة ما فيهما من نعت محمد صلى الله عليه وسلم والقيام بأحكامها { وما أنزل إليهم من ربهم }
يعني سائر الكتب المنزلة فإنها من حيث أنهم مكلفون بالإيمان بها كالمنزل إليهم أو القرآن
{ لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } لوسع عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات من السماء والأرض أو يكثر ثمرة الأشجار وغلة الزر وع أو يرزقهم الجنان اليانعة الثمار فيجتنونها من رأس الشجر ويلتقطون ما تساقط على الأرض بين ذلك أن ما كف عنهم بشؤم كفرهم ومعاصيهم لا لقصور الفيض ولو أنهم آمنوا وأقاموا ما أمروا به لوسع عليهم وجعل لهم خير الدارين { منهم أمة مقتصدة } عادلة غير غالية ولا مقصرة وهم الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل مقتصدة متوسطة في عداوته ” (12(
و هكذا ننتهي من القراءة الموجزة لهذا المفهوم والمصطلح القرآني لنؤكد على الحقيقة القرآنية في تبيان الفارق بين جماهير الأمة وقيادتها الصادقين من أهل البيت وهي قيادة ربانية من عالم الإرادة والتشريف …
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة: 119
9 ــ أمة مسلمــة
{ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة128
يجئ مصطلح ” الأمة المسلمة “ في ختم مبحثنا ليجلل عالم الخلق بعالم الإرادة الإلهية .. فقد خلق الله المتعالي أمته .. من نوره الأعظم .. ويأبى الله إلا أن يتم نوره المقدس بنبيه المجتبى محمد (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) نور العالمين .. دعوة إبراهيمية عظمي .. تصعد نحو العلي القدير لظهور الأمة المحمدية المطهرة ” إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “ أمة وعترة مسلمة في ختم الدنيا “ والمتأمل الدقيق في الآية الكريمة وعمقها يجد الأمل الاشراقي تصعد روحه ليجد ذاته حالة النور في قلب النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) ذرية نور متوهج يصعد لنور الله ويسكن عرشه :
{ ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم } : البقرة : 128
.. انه الحلم الإبراهيمي الممتد عميقا يسكن عمقنا منذ الأزل ..
مصطلح الأمة المسلمة يؤكد حالتنا الروحية الصاعدة حقا .. من قلب الوهج النبوي العميق .. عمق اسم الله ” السلام “ .. السلام يسكننا والخيار الإبراهيمي الوردي يفسر عمق الحالة الأمل .. حقا كان جدي إبراهيم أمة العلي الأعظم .. ترنو عيونه العاشقة نحو أمة الأمم محمد نبي الرحمة في العالمين .. يختم الله به صبغته ..
{ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ }البقرة138
” قال ابن زيد : { هو سماكم المسلمين } قال : ألا ترى قول إبراهيم :
{ واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } البقرة : 128 قال : هذا قول إبراهيم { هو سماكم المسلمين } ولم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة ذكرت بالإيمان والإسلام جميعا ولم نسمع بأمة ذكرت إلا بالإيمان ” (1(
(1) تفسير الطبري ج 9/191
إنها أمانة العلي الكبير التي نأت الجبال بها .. أمانة الاستخلاف وختم الرسالة المحمدية وإشراقها بالمهدي آفاق الدنيا .. حديث الحق النبوي : ” بنا بدئ الدين وبنا يختم ” .. ” وبمهدينا يختم ” حلمك جدي إبراهيم عليك صلوات الله .. كان الحقيقة ..
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }الزمر69
.. انه الاصطفاء الخالص ..
” وتقلبك في الساجدين ” يعبر نور الله عن ذاته أنا :
” دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورأت أمي حين حملت بي كأن نورا خرج منها أضاء له قصور بصرى في أرض الشام ” (2)
(2) النبلاء ” السيرة النبوية “ج1/ 47 ط . مؤسسة الرسالة 1419 = البداية والنهاية : المجلد الأول ج2/ 779 = الطبقات الكبرى : المجلد 1/82 = تاريخ دمشق ج3/457 ، 487 ..
قال السيوطي : ” ومن ذريتنا ” واجعل من ذريتنا ” أمة مسلمة لك ” و ” من ” للتبعيض أو للتبيين كقوله : ” وعد الله الذين آمنوا منكم ” النور : 55 . فإن قلت : لم خص ذريتهما بالدعاء ؟ قلت : لأنهم أحق بالشفقة والنصيحة ” قوا أنفسكم وأهليكم نارا ” التحريم : 6 ، ولأن أولاد الأنبياء إذا صلحوا صلح بهم غيرهم وشايعوهم على الخير . ألا ترى أن المقدمين من العلماء والكبراء إذا كانوا على السداد كيف يتسببون لسداد من وراءهم ؟ وقيل : أراد بالأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم “ انه نور الإصطفاء الأزلي لأمة صاعدة نحو الهداية وتمام النور، مغموسة في قدس الرحمن لتشعل هذا العالم بروح توحيد جديدة .. قال النبي المصطفي (صلى الله عليه وآله وسلم) ” لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة الى الأرحام الطيبة وصفني مطهرا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما “
” وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير العرب مضر وخير مضر بنو عبد مناف وخير بني عبد مناف بنو هاشم وخير بنو هاشم بنو عبد المطلب والله ما افترق شعبتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما “
وأخرج والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أنس قال : خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار
) : وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا “ (3(
(3) السيوطي : الدر المنثور ج4/ 328
بهذا كان النبي الأعظم أمة تتحقق بأمر الرب وعدا وختم رسالة : “
{ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }المطففين26″ .
وكانت عترته بما حباها الله .. يستجمع الرحمن بها مناحي النور والعطاء .. فهي الأمة الوسط ..القلادة .. والقلادة كما قال أهل اللغة بدون أن تعلق في الصدور تفقد عمق القيمة ..
قال النبي موسى الروعة في سياق الحالة ” :
حدثنا سعيد عن قتادة قوله : { أخذ الألواح } [ الأعراف : 154 ] قال : رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة محمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون – أي آخرون في الخلق – السابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرؤونها – وكان من قبلهم يقرئون كتابهم نظرا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه قال قتادة : وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم – قال : رب اجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ثم يؤجرون عليها – وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وإن ردت عليه تركت تأكلها الطير والسباع قال : وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم – قال : رب اجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة رب اجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإذا عملها كتبت عليه سيئة واحدة فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفوع لهم فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه نبذ الألواح وقال : اللهم اجعلني من أمة أحمد ! قال : فأعطي نبي الله موسى عليه السلام ثنتين لم يعطهما نبي قال الله : { يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي }
[ [ الأعراف : 143 ] قال : فرضي نبي الله ثم أعطي الثانية :
{ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } : الأعراف : 159
قال : فرضي نبي الله صلى الله عليه وسلم كل الرضا ” “
و ..عن معمر عن قتادة قال : لما أخذ موسى الألواح قال : ( يا رب إني أجد في الألواح أمة هم خير الأمم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ! قال : يارب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة فاجعلهم أمتي ! قال : تلك أمة أحمد ثم ذكر نحو حديث بشر بن معاذ إلا أنه قال في حديثه : فألقى موسى عليه السلام الألواح وقال : اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليهما “ (4)
(4) الطبري : جامع البيان ج6/64 وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني
الأمة كما في الدعاء والآية هم ” الذرية “ وهم النبي (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) والأئمة من ولده عليهم السلام .. لتطابق التجربة الموسوية ” المثال “ . { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } الأعراف : 159
الى الأنموذج النوراني الخاتم :
{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } : الأعراف181
وهم النبي محمد وعترته المطهرين الهادون المهديون وبالحق والقسط يعدلون .. { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }الأعراف181
“ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
صفتي أحمد المتوكل ليس بفظ ولا غليظ يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافي السيئة مولده بمكة ومهاجره طيبة وأمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوصون أطرافهم أناجيلهم في صدورهم يصفون للصلاة كما يصفون للقتال قربانهم الذي يتقربون به إلى دماؤهم رهبان بالليل ليوث بالنهار “ (5(
. (5) سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني : المعجم الكبير الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل ج10/89 رقم 10046 ــ الطبعة الثانية ، 1404 – 1983
.. فأمته أهله وذريته من صلبه الذين لهم ميراث النبوة والرسالة.. والمسلمين أمته وجماهيره وشعبه .. فهم محبوهم معهم وفي مقام مسكنهم .. وروي أنه قيل له : قد استجيب لك وهو في آخر الزمان فبعث الله فيهم محمدا صلى الله عليه وسلم . قال عليه الصلاة والسلام :
” أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ورؤيا أمي . ” يتلوا عليهم آيتك ” يقرأ عليهم ويبلغهم ما يوحى إليه من دلائل وحدانيتك وصدق أنبيائك ” ويعلمهم الكتاب ” القرآن ” والحكمة ” الشريعة وبيان الأحكام ” ويزكيهم ” ويطهرهم من الشرك وسائر الأرجاس كقوله : ” ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ” الأعراف : 157
“ ومن ذريتنا أمة مسلمة لك أب وأجعل بعض ذريتنا وإنما خصاهم بالدعاء لأنهم أحق بالشفقة ولأنهم إذا صلحوا صلح الأتباع وإنما خص به بعضهم لما علما أن منهم ظلمة وأن الحكمة الإلهية لا تقتضى اتفاق لكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله عز وجل فإن ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا وقيل أراد بالأمة المسلمة أمة محمد وقد جوز أن يكون من مبينة قدمت على المبين وفصل بها بين العاطف والمعطوف كما في قوله تعالى ومن الأرض مثلهن والأصل وأمة مسلمة لك من ذريتنا ” (6(
(6) تفسير أبو السعود ج1/ 161 الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت
هكذا يصل مبحثنا الملتزم الى قراءة مصطلح الأمة قراءة شمولية تستوعب القيادة وجماهير الأمة ، وكما استوعبت الحالة العترة النبوية قادة الأمة والأصحاب المنتجبين خيارا موحدا .. فإن حالة الأمة المسلمة سيدفعها العلي القدير نحو خليفته المرتقب : المهدي الموعود (عليه السلام ) فهو ” الأمة ” كجده إبراهيم )عليه السلام ) ومحمد (صلى الله عليه وآله الطاهرين ) و ” المسلمة “ هي جماهير المسلمين وكل الصالحين القادمين خلفه .. راغبون في صعود الإيمان وروح الثورة .. فهم عشاق النبي وعشاق خليفة ربه ..
” ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين” (7(
(7) أنظر : الزمخشري : الكشاف : ج1/95
عني بقوله جل ثناؤه : { كما أرسلنا فيكم رسولا } ولأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع ملتكم الحنيفية وأهديكم لدين خليلي إبراهيم عليه السلام فأجعل لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها فقال : { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم } [ البقرة : 128 ] كما جعلت لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها فقال : { ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم } [ البقرة : 129 ] فابتعثت منكم رسولي الذي سألني إبراهيم خليلي وابنه إسماعيل أن أبعثه من ذريتهما ” (8)
(8) تفسير الطبري : ج2/39تفسير قوله تعالى : ” ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151
” عن ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله :
{ كما أرسلنا فيكم رسولا منكم } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وأما قوله : { يتلو عليكم آياتنا } فإنه يعني آيات القرآن وبقوله : { ويزكيكم } ويطهركم من دنس الذنوب و { يعلمكم الكتاب } وهو الفرقان يعني : أنه يعلمهم أحكامه ويعني : بـ { الحكمة } السنن والفقه في الدين وقد بينا جميع ذلك فيما مضى قبل بشواهده وأما قوله : { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } (9)..
(9) الطبري : نفس المصدر ج2/39
عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
)لما خلق الله الخلق اختار العرب ثم اختار من العرب قريشا ثم اختار من قريش بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم فأنا خيرة من خيرة ) (10)
(10) المستدرك على الصحيحين المؤلف : محمد بن عبدا لله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري.. الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1411 – 1990 ج4/97 رقم 6996 ، تعليق الذهبي قي التلخيص : سكت عنه الذهبي في التلخيص
” ومن ذريتنا أمة مسلمة لك أب وأجعل بعض ذريتنا وإنما خصهم بالدعاء لأنهم أحق بالشفقة ولأنهم إذا صلحوا صلح الأتباع وإنما خص به بعضهم لما علما أن منهم ظلمة وأن الحكمة الإلهية لا تقتضى اتفاق لكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله عز وجل فإن ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا وقيل أراد بالأمة المسلمة أمة محمد
(11) روح المعاني ج1/161
عن مجاهد في قوله : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن } قال الله لإبراهيم : إني مبتليك بأمر فما هو ؟ قال : تجعلني للناس إماما قال : نعم قال : ومن ذريتي قال : لا ينال عهدي الظالمين قال : تجعل البيت للناس قال : نعم قال : وأمنا قال : نعم قال : وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك قال : نعم قال : وترينا مناسكنا وتتوب علينا قال : نعم قال : وتجعل هذا البلد آمنا قال : نعم قال : وترزق أهله في الثمرات من آمن منهم قال : نعم ” (12)
(12) تفسير الطبري ج1/ 571 تفسير قوله تعالى : ” قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي ”
عن مجاهد في قوله : { لا ينال عهدي الظالمين }
قال : لا أجعل إماما ظالما يقتدى به”
حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : { لا ينال عهدي الظالمين } قال : لا أجعل إماما ظالما يقتدي به حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد : { لا ينال عهدي الظالمين } : قال : لا يكون إماما ظالم “ (13)
(13) تفسير الطبري ج1/571
قال الله لإبراهيم : { لا ينال عهدي الظالمين } فقال : فعهد الله الذي عهد إلى عباده دينه يقول : لا ينال دينه الظالمين “ (14(
(13) نفس المصدر ج1/ 571
عن الربيع : { إني جاعلك للناس إماما } ليؤتم به ويقتدى به يقال منه : أممت القوم فأنا أؤمهم أما وإمامة إذا كنت إمامهم. وإنما أراد جل ثناؤه بقوله لإبراهيم :
{ إني جاعلك للناس إماما } إني مصيرك تؤم من بعدك من أهل الإيمان بي وبرسلي تتقدمهم أنت ويتبعون هديك ويستنون بسنتك التي تعمل بها بأمري إياك ووحيي إليك القول في تأويل قوله تعالى : { قال ومن ذريتي }
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : قال إبراهيم لما رفع الله منزلته وكرمه فأعلمه ما هو صانع به من تصييره إماما في الخيرات لمن في عصره ولمن جاء بعده من ذريته وسائر الناس غيرهم يهتدي بهديه ويقتدى بأفعاله وأخلاقه : يا رب ومن ذريتي فاجعل أئمة يقتدى بهم كالذي جعلتني إماما يؤتم بي و يقتدى بي مسألة من إبراهيم ربه سأله إياها كما : حدثت عن عمار قال حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قال : قال إبراهيم : { ومن ذريتي } يقول : فاجعل من ذريتي من يؤتم به و يقتدى به ” (15(
(15) نفس المصدر ج1/ 571
كان الأئمة الإثنى عشر المهديين عليهم السلام هم الأمل في القيادة وخلافة النبوة .. فكان ذرية محمد الطاهرين هم ذرية إبراهيم وهم دعوته المصطفين الأخيار … فهم المخصوصون في الآل ، وهو قوله تعالى بالسلام المخصوص لهم في القرآن :
{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ }الصافات130
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه في قوله :
{ سلام على إل ياسين } قال : نحن آل محمد آل ياسين }
“ قوله وآل إبراهيم وآل عمران قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد صلى الله عليه وسلم ” (16)
(16) السيوطي : الدر المنثور ج2/ 180 الناشر : دار الفكر – بيروت ، تفسير قوله تعالى : ” إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين= الشوكاني : فتح القدير ج4/585 تفسير قوله تعالى : ” فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( 148 ) تفسير قوله تعالى : ” إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين= الشوكاني : فتح القدير ج4/585 تفسير قوله تعالى : ” فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( 148 (
وأخرج عبد بن حميد وان جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية : قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين فكان محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم . وأخرج عبد بن حميد وان جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين فكان محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم “
وقال عكرمة { ربنا واجعلنا مسلمين لك } قال الله : قد فعلت
{ ومن ذريتنا أمة مسلمة لك }
قال الله : قد فعلت وقال السدي
{ ومن ذريتنا أمة مسلمة لك }
يعنيان العرب قال ابن جرير : والصواب أنه يعم العرب وغيرهم لأن من ذرية إبراهيم بني إسرائيل وقد قال الله تعالى :
{ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (17)
(17) تفسير ابن كثير ج/1/248
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الله يس والقرآن الحكيم قال : يقسم الله بما يشاء ثم نزع بهذه الآية سلام على آل ياسين الصافات 130 كأنه يرى أنه سلم على رسوله وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله يس والقرآن الحكيم قال : يقسم بألف عالم إنك لمن المرسلين ” 18
(18) السيوطي : الدر المنثور ج7/42 الناشر : دار الفكر – بيروت ، 1993: ) تفسير قوله تعالى : ” إنك لمن المرسلين (3) على صراط مستقيم “
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله يس قال : هذا قسم أقسم به ربك قال يا محمد إنك لمن المرسلين قبل أن أخلق الخلق بألفي عام” قال ابن جرير : وهذا لا وجه له لأنه من المعلوم أن إبراهيم لم يسم هذه الأمة في القرآن مسلمين وقد قال الله تعالى : { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا } قال مجاهد : الله سماكم المسلمين من قبل في الكتب المتقدمة وفي الذكر { وفي هذا } يعني القرآن وكذا قال غيره ( قلت ) وهذا هو الصواب لأنه تعالى قال : { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج } “ وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم { هو سماكم المسلمين من قبل } يعني إبراهيم وذلك قوله : { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } قال ابن جرير : وهذا لا وجه له لأنه من المعلوم أن إبراهيم لم يسم هذه الأمة في القرآن مسلمين وقد قال الله تعالى : { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا } قال مجاهد : الله سماكم المسلمين من قبل في الكتب المتقدمة وفي الذكر :
{ وفي هذا } يعني القرآن وكذا قال غيره ( قلت ) وهذا هو الصواب لأنه تعالى قال : { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج } ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه بأنه ملة أبيهم إبراهيم الخليل ” (19)
“(19) تفسير ابن كثير ج3/317
قال محمد بن جرير : دعا إبراهيم عليه السلام بدعوتين – إحداهما – قال { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } ( 128 – البقرة ) فبعث الله الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم ووعد إجابة الدعوة الثانية بأن يجعل من ذريته أمة مسلمة كما أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع الملة الحنيفية “ (20(
(20) تفسير البغوي ج/166
روي أنه قيل له : قد استجيب لك وهو في آخر الزمان فبعث الله فيهم محمدا صلى الله عليه وسلم . قال عليه الصلاة والسلام : ” أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ورؤيا أمي . ” يتلوا عليهم آيتك ” يقرأ عليهم ويبلغهم ما يوحى إليه من دلائل وحدانيتك وصدق أنبيائك ” ويعلمهم الكتاب ” القرآن ” والحكمة ” الشريعة وبيان الأحكام ” ويزكيهم ” ويطهرهم من الشرك وسائر الأرجاس كقوله : ” ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ” الأعراف : 157
” ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ” (21(
“(21) الكشاف ج1/95
علي عن ابن عباس قوله : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد يقول الله عز وجل : { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه } [ آل عمران : 68 ] وهم المؤمنون
” تفسير الطبري ج3/333
“ عن ابن عباس قوله : { وجعلها كلمة باقية في عقبه } قال : يعني من خلفه حدثني محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط عن السدي { في عقبه } قال : في عقب إبراهيم آل محمد صلى الله عليه وسلم (22)
(22) تفسير الطبري ج11/ 179قوله تعالى : ” وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون (28
وفي تفسير قوله تعالى : “ الرحمن على العرش استوى } [ طه : 5 ] وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ الديك إذا صاح قال اذكروا الله يا غافلين ] وقال الحسن بن علي بن أبي طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ النسر إذا صاح قال يا بن آدم عش ما شئت فآخرك الموت وإذا صاح العقاب قال في العبد من الناس الراحة وإذا صاح القنبر قال إلهي العن مبغضي آل محمد وإذا صاح الخطاف قرأ :
) الحمد لله رب العالمين ) إلى آخرها فيقول : ( ولا الضالين ) ويمد بها صوته كما يمد القارئ ] قال قتادة و الشعبي : إنما هذا الأمر في الطير خاصة لقوله : ( علمنا منطق الطير ) والنملة طائه إذا قال يوجد له أجنحة قال الشعبي : وكذلك كانت هذه النملة ذات جناحين وقالت فرقة : بل كان في جميع الحيوان “ (23)
“ (23)تفسير القرطبي ج13/149 قوله تعالى : ” علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ” = تفسير البغوي ج1 23
قال الطبرسي في تفسيره مجمع البيان : واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الامامية بأن قال : إن دخول من في الكلام يوجب التبعيض فدل بذلك على أنه يحشر قوم دون قوم وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب بالقتل على أيدي شيعته أو الذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله تعالى ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره عليه السلام وصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله : سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه وتأول جماعة من الامامية ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات وأولوا الأخبار الواردة في ذلك لما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف وليس كذلك لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك ” (24)
(24) روح المعاني ج20/26 قوله تعالى : هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ”
في تفسير قوله تعالى : ” هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل “
يقول العلامة الألوسي :
وروى بعض الإمامية عن أبي جعفر وأبي عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنهم الأئمة من آل محمد وما يجحد بآياتنا مع كونها كما ذكر إلا الظالمون 94″ (25(
. (25) روح المعاني ج20/26 قوله تعالى : هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل “ “
أصيل الحال
. وفي ختم مبحثنا نؤكد على أن الحقيقة المحمدية النورانية لن يكتمل إشراقها النوراني إلا بنزول مهدي آل محمد والأمم عليه وعليهم الصلاة والتسليم .. وان قراءة وافية للقرآن والمصطلح القرآني النوراني لن تعلن حقيقتها إلا بظهور الحجة الأممي المهدي الموعود والمخلص العظيم .. وشيكا نسطع بنور الحق ونكتشف نور الأمة المحمدية المصطفاة .. وما هذه الكلمات النورانية إلا وهجا يسطع من نوره ..
نؤكد بها على الحقيقة أن المهدي خليفة الله المتعالى عليه السلام : لن يكون معبرا عن طائفة أو مذهب أو حزب محدد !! بل ستشكل روحه عليه صلوات الله وسلامة بلسما يشفي جراحات انتظارنا ..
السادة أمتنا الموعودة القادمة هي من عمق الغيب تتقدم .. ومن عمق الروح تنير للأجيال خيار المقاومة بالكلمة والمصطلح ويبقى القرآن روحنا وآل محمد قلب حالتنا الثورية كما روحنا وأصحاب المهدي (عليه السلام ) هم ذاتهم أصحاب النبي محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ..
مباحثنا محاولة نحو تثبيت النهضة المحمدية ووحدة الروح والانسان
وهي ليست فوق النقد .. بل النقد خيارنا لرسم الحالة
انتهت الحلقة الثانية من مبحث مصطلح الأمة في القرآن الكريم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين المنتجبين
____________
بقلمـــي
المفكر الاسلامي التجديدي
الشيخ محمد حسني البيومي
الهاشمي
” محمد نور الدين “
أهل البيت عليهم السلام
فلسطين المقدسة
______________
نشرت الحلقة الثانية على موقعنا الهام ( موقع المصطلح القرآني ) http://mostalahkoraan.blogspot.com/2010/10/blog-post_13.htm
كتبت هذه الدراسة المهمة سابقا على موقع أمة الزهراء عليها السلام
بتاريخ 6 / 3/ / 2007 ــ ونشرت اليوم في مركز دراسات أمة الزهراء عليها السلام
http://elzahracenter.wordpress.com/2010/10/13
______________
تمت بحمد الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق