أزمة التقارير المزورة رؤية تحليلية
وسياسية مجتمعية
الحلقة الرابعــة
الشيخ والمفكر الاسلامي محمد حسني البيومي الهاشمي
( الباب السادس )
المخرج من أزمة التقارير المزورة
كما أكدنا ذكره في طيات قراءتنا الموجزة أنه لا يجوز أن يطبق نظام المحاسبة في الحزب أو في المؤسسة الثورية أو في أي حركة تغييريه بدون ضوابط لائحية ضامنة تكون جزء من المنهج الثوري لا أداة وظيفية من أدواته .. وهكذا فإن التقارير المزورة من حيث كونها أزمة فإنها إفرازا لغياب المنهج الثوري الصحيح والقادر على تثبيت المنهج العلائقي فيما بين القواعد والقيادات ، كما أنها إفرازا عن أزمة القيادة الفردية التي اعتمدت مناهج الخصي للقيادات الميدانية في ساحات الأمة واتبعت هذا الانحراف انحرافا آخر حيث السرعة القفزية للوجهاء الثوريين على المواقع التنفيذية !! وبصفة هذه الشريحة
[ الوجهاء الثوريين ] هي شريحة موالية للقيادة السلطوية والقيادات المتنفذه هي سيكولوجيا ذو طبيعة تابعة مهمتها قلب الحقائق وتزوير الوقائع أمام القيادة العليا حرصا على مصالحها في دائرة القيادة، ويمكننا أن نحدد أزمة التقارير الفاسدة والمزورة بأزمة التدين المنهجي في القيادة ، ويأتي بروز خط الوجهاء الثوريين كظاهرة سوداء في تاريخ شعبنا وقضيتنا والوجهاء الثوريين هم الذين حولوا المشروع الإلهي التحريري إلى شركات وطنية لمصالح الآلهة البشرية ، وهكذا منهج تلفيقي وتآمري يقع من تحرير الحالة إلى مستوى قاع الأزمة !!
هذا وباعتبار أن التقارير الأزموية المزورة هي ظاهرة تكميلية للانحراف القيادي والتسلطي فإن المستفيد منها هو القرار الفردي الأنوي والذي من أساسه يعبر عن وجهة هامشية تسهم ولا زالت في التراجع في منظومة الفكر التحريري وتجعله أسيرا لشبكات السوء في زمن الإساءة !! وفي كل مرة يكون المستفيد من الأزمة هم أعداء الأمة التاريخيين والذين من أجلهم خلقت كل فتنة وينوب عنهم في واقعنا هم خط الوجهاء وأعوانهم : [ بلاط القيادة ومرتكزها ] وفي كل الأحوال يكون الضحية هم أطهر أبناء الأمة حين يقفز الوجهاء الممسوخين على دمائهم ويحين يرسمون
____________________________________________
(34) نفس المصدر السابق : ( ظاهرة تصفية العملاء التاريخ وجذور الأزمة ) ، ص 78 ، 79 :
” الحاجة إلى الانتماء ”
تاريخ الفداء والحرية لحساب معايير البشر الانقلابيين .. وحين نتناول التعرض للمخرج من هذه الأزمة لا بد أن نتجاوز بأنفسنا وعلى مستوى القيادة ظاهرة الوجاهة القبيحة الآثمة وكذلك ظاهرة الوراثة الأبوية وتكريس نظام
[الأبوات الثوريين ] ــ أبو فلان وأبو علان !!
في القيادة تماما كما اليوم يولي الظالمون الجمهوريين أبنائهم وأعوانهم ــ الشلة ـ على كرسي البلاط فتكون اليوم الجمهوريات الملكية وبالمقارنة يكون الجمهوريات الوراثية في الشركات الوطنية
ذات الأسهم المحدودة والتي يكون مجالس الشورى فيها هم الدبيكة في أعراس المستبدين السياسيين الذين لا زالوا عطشى لدم طلاب الحرية والمنهج الإلهي ، وان القيادة الصالحة الثورية المطلوبة اليوم هي التي تعيش مستضعفة في خندق الجماهير وكل الأحرار .. هي القيادة المجروحة على الثكالي لا العاهرة في سوق الظالمين ، وإذا لم يتسنى ذلك فأي مستقبل يكون لصالح الجماهير في ظلال أطنان التقارير والوشايات المزيفة والتي زيفت في الحقيقة تاريخنا ووجهتنا وهي التي جعلت الجماهير المرصودة للثورة مجرد الحاقيين أو جنود مرحليين في الانتخابات النقابية ثم تسقطها من حساباتها وما برامج شراء الذمم وطوابير المستهلكين في التجربة العرفاتية وإفرازاتها منا ببعيد !! هذا وإن كرسي أوسلوا الشيطاني لا زال يسكن بأوهامه قلوب المتعطشين للوهم ودنيا الوهم ،، إنهم يريدون بشكل جمعي أن يسكنوا في دمنا .. أو يصنعون من دمنا طينة لأعشاش المستبدين والدبابير الملعونة وفي سعينا نحو المخرج من الأزمة :
[ أسند عن الحارث عن علي رضي لله عنه وخرجه الترمذي قال : ]:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون فتن كقطع الليل المظلم قلت : يا رسول الله وما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفضل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا من علم علمه سبق ومن قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ]
[ وأخرج ابن أبي حاتم عن علي " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون فتن قلت : فما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم " وفي رواية أخرى ذكر السيوطي رحمة الله : " ما المخرج منها ؟ فقال " كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الأمر فحكم به عصمة الله وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل "
قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ] (35( “
إذا وقود ثورتنا هم المتقون ومادتهم هم الأصفياء العارفون وقد آن الأوان من بين سطور النقد إلى المخرج وأن تعلن جماهير المستضعفين ولاء الأمة للثورة الإلهية الشعبية وأن تكون الأمة بكليتها منحازة للمشروع التحريري المهدوي القادم .. وان رفع راية العدل التي تسكن قلوبنا لا بد أن يسكنها الطهر على أكتاف المطهرون من آل بيت النبوة عشقنا نحو التحول وهي التي بها نسقط كل الدعاوى الثورية الباطلة .. والى متي ستبقي الشعارات تقصم ظهورنا والانقلابات ترسم العار على سياساتنا وما من انقلاب غادر على مدى القرن الماضي إلا ورفع صوت فلسطين على هامته ولم يزد به إسرائيل إلا خدمة وما من بيان إلا وصدر بعنوان يا جماهير شعبنا إلا وزاد الجماهير بها حرقة ونارا كواها بأوارها وليس المخرج كما يروى أمير المؤمنين وباب النبوة عليه السلام إلا بكتاب الله أيديولوجية عدل وثورة وأنه ’آن الأوان لأن تكون تقاريرنا نور للهداية وبيانات لعالم يسكنه الوهج وينطلق من شرارته الأمل نحو عالم يسكنه العدالة والقسط نسقط بها كل هامات الزيف وسمات الجور والتزوير والدنس !!
إن القيادة الثورية المأمولة والصالحة هي التي تتقدم اليوم على كل طوابير الزيف العربية نحو التحول والاستبدال المحتوم تفسير قول الحق في قرآنه المعظم :
{ َإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }محمد38
(35) القرطبي : ( الجامع لأحكام القرآن ) ، ج1/ 30 = السيوطي : ( الدر المنثور ) ج 2/ 227 وج 6/ 376 = الألوسي : ( روح المعاني ) : الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت ج30/ 100 = المروزي ، نعيم بن حماد : ( كتاب الفتن ) ، ج 1/ 140 ، الناشر : مكتبة التوحيد – القاهرة الطبعة ، الأولى ، 1412 تحقيق : سمير أمين الزهيري = الترمذي السلمي ، محمد بن عيسى أبو عيسى : ( الجامع الصحيح سنن الترمذي ) ، ج 5/ 172 ، رقم 2906 ، الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت ، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون
.. انه الاستبدال الحتمي لكل القوى الناهبة والمستغلة بقوى محتومة طبق الوعد القدري المنزل وهي التي تتقدم ومن خلال المنهج الإلهي الثوري الصالح لتجعل من الجماهير والقواعد المخلصة إعانة لها لا أدوات لتنفيذ مخططات أعدائها ، وان المخرج من هذه الأزمة لا يمكن حدوثه إلا بالثورة الداخلية على الثورة الوجهائية المضادة .
إنها الثورة الإسلامية المحتومة والتي ستسقط كل معاني الذلة والانكسار والتراجع ودفع الجماهير نحو ساحات الاستعلاء والشرف المقدس بعيدا عن التآمر والمناهج المنحرفة والظواهر التدميرية المزيفة !! وهكذا يمكن تحديد المخرج من أزمة التقارير البوليسية الملعونة .. بصلاح القيادة في مشروعنا الرباني المأمول وهذا الصلاح هو الشرط الأولي للخروج من الأزمة ذاتها ، ومن ثم تصعيد المد الروحي وإعلان الثورة الروحية المقدسة في عقول كل الثوريين والروحانيين ومناهج تفكيرهم بعيدا عن الحقد والظواهر الحسدية المدمرة .. وان طبيعة الملاحقة للظواهر والانحرافية في العمل الثوري والعمل على تصحيحها لا يمكن حصد نتائجه إلا في ظلال الأجواء الروحانية الثورية وهي التي تعمق ظاهرة الأخوة الإسلامية بمعانيها الثورية الأصيلة والروحية الصحيحة ..
وفي هذا السياق يمكن تحديدنا لسياسة المخرج من هذه الأزمة في النقاط التالية :
1ــ ضرورة وجود قيادة صالحة على رأس العمل التغييري تجعل من مرضاة الله هدفها الأعلى والأسمى ..
2ــ التوجه الميداني نحو القيادة واعتماد قيادات ميدانية سليمة ضمانة لتجذير الثورة التغييرية ..
3ــ وجود نظام لائحي عقائدي الأصول يضمن جو الوحدة الإسلامية والثورية في القواعد الثورية .
4ــ وجود لجان للمتابعة اليومية على مجريات العمل التغييري في سياق العمل الميداني التغييري .
5ـ وحدة القرار المركزي الميداني وعدم تجزئته وملاحقة الظواهر الشللية الإنحرافية وسياساتها .. وهذا ما سنوضحه بشيء من التفصيل في التالي ذكره ..
أولا : وجود القيادة الثورية المؤهلة :
إن غياب المؤهل القيادي القادر على القيادة الصالحة الميدانية هو من أهم العوامل التي تجزئ القرار القيادي وتضعفه ، ووجود الشخصية الشخصيات الضعيفة المسلوبة في العمل القيادي تجعلها غير متوازنة وغير مؤهلة للمطالب التغييرية المنشودة وتجعلها أقل من قامة الجماهير .. ويجعل منها أداة ساخرة أمام قواعدها التي لا تتفاعل أو تتناغم معها ، من هنا فلزومية القائد الكفؤ هو المطلب الثوري الصحيح ، ووجود قيادة غير مؤهلة يعني وجود انحراف في القيادة المركزية وانحراف في الأجهزة وتعويض هذا القصور أو الانحراف بالسياسات القمعية الدكتاتورية على الأفراد وبالتالي بروز ظواهر التقارير المزورة والانحرافية كتوجه قاعدي مع القيادة العليا ، والتي تحتاج هي الأخرى إلى عملية إقصاء من موقعها على خلفية القرار الميداني ، فالقيادة الفردية الرمزية في العمل الثوري وعلى امتداد عشرات السنوات الماضية كانت تعتمد المنهج الانحرافي من خلال تعيين قيادات ذيليه وتابعة للقيادة بحيث يسهم استبدالها وتكريس هيمنتها على القرار كما تعمل على سحب الظاهرة [ الميدانية ] في القيادة لتجعل من العمل الميداني والعام أداة للفردية القيادية ، وتجئ التقارير المزورة كظاهرة انحرافية لتضعف العمل الميداني وقيادته لصالح الفردية القيادية والقيادة الرمزية المتأهلة ، حيث تكون التقارير على الدوام من القواعد أو الكوادر الملحقة والتابعة ضد القيادات الميدانية ، فالتناقض بين القرار الميداني والعام هو الذي يشجع المنحرفين لممارسة أعمالهم التخريبية والمضادة ــ من هنا كان لزومية القيادة المؤهلة واجب شرعي وثوري مقدس لضمان استيعاب وامتصاص حركة الثورة لصالح المشروع التغييري العام ..
ثانيا : وجود لوائح عقابية :
وتكون هذه اللوائح رادعة للمنحرفين سواء كان هذا الانحراف قياديا أو قاعديا ، وفي نظرنا أن وجود نظام داخلي صلب وقادر على محاسبة القيادة المنحرفة وردعها وإقصاءها من موقعها لهو من أهم الضرورات والغايات الثورية التي تضمن العلاقات الثورية بشكلها الإيجابي الصحيح ، فمحاسبة القيادة أولا ثم محاسبة الأفراد ثانيا هو الخطوة التي ترسخ مفهوم وشرط القيادة المؤهلة .. من هنا فإن وجود لوائح صارمة ضد كتبة التقارير وجماعات المخبرين السريين يأتي في سلم الأولويات لمواجهة المنحرفين ..
ثالثا : وجود جماعات المتابعة الإيجابية :
وهي النقيض للتقارير الإستخبارية وجنرالات التخابر في العمل الثوري !!
فالمتابعة الميدانية هي جزء من وحدة القرار الميداني المركزي وليست أداة مخابراتية على القائد الميداني وهو المرشح على المستويين العسكري والسياسي لتحريك الثورة ضد الظالمين . والمتابعة هي جماعات ووحدات ترشيدية وتصويبية لتقديم النصح والترشيد للقيادة وعلى تنسيق معها قبيل تصعيد الأزمة إلى القيادة العليا .. من هنا فإن المسئول الميداني والمتعاونين معه لابد أن يكونوا على مستوى الأمانة والمصداقية والولاء للمنهج الثوري العقائدي لا للأفراد .. وفي المحصلة الترشيدية يلزم اضطلاع القائد الميداني المناط بتهيئة الموضوع التغييري بكل الإشكاليات والمعلومات الأمينة سلامة للموقف الثوري بعيدا عن التضليل أو الانحراف .
رابعا وحدة القرار المركزي الميداني :
يعتبر غياب الاتجاه الميداني المركزي القيادي من ؟أسوأ الظواهر الإنحرافية في العمل التاريخي ، من حيث تكريسه لغياب واقعيته الثورية ، فسلب القرار الميداني وجعل القائد الميداني هو مجرد أداة تنفيذية ولأوامر خارجية هو تغييب عن الواقعية الثورية ومتطلباتها ودفعها باتجاه التسطيح والتغييب والانحراف [ قيادة مغيبة ] فمعظم الاتجاهات السياسية والحزبية وعلى مدار عشرات السنوات الماضية كانت تشكو من عمليات الإقصاء للقرار الميداني [ المركزي ] أي سحق القضية المركزية في القيادة الميدانية لحسابات القيادة العامة وفي حالة الاستعصاء على خلفية البعد النضالي وإرادة الجماهير المؤيدة تقوم القيادة العامة بحصار القيادة الميدانية وفتح الخطوط لأعوان القيادة العامة ..
وفي هكذا حالة تكثر الدكاكين الثورية ونظام الإستزلام مما ينذر بقتل المشروع التغييري عندما تعلن الحرب من القيادة الميدانية على القيادة العامة كرد فعل سلبي وهنا الطامة الكبرى حين تتحول مدرسة الثورة إلى نقمة والنعمة الجهادية إلى غضب رباني على الحالة وهنالك خسر المبطلون من أعداء الله المنافقين وتسقط هامات المتآمرين الذي يرقصون بتقاريرهم الملعونة ودعاياتهم الساقطة على الحالة …. ولتجاوز هذه الشللية يلزم التأكيد على وحدة مدرسة الثورة الإلهية ووحدة قرارها المركزية بلباس التقوى خير ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102
وهنا ندرك أن ملاحقة الظالمين بدثار العادلين هو الخيرية السياسية والمجتمعية وأن طغيان القرار المركزي العام على القيادات الميدانية هو الذي يقتل مشروع الثورة الإلهية ويسقط ديمومتها لصالح أعداء الله والأمة ،وأن التفاف المنافقين والأفاكين حول القيادة العامة بزيفهم النفاقي وتقاريرهم الملعونة هو الذي يجلب سوء الحالة في زمن الإساءة وتندفع القيادة العامة في هكذا أجواء نفاقية للانتحار ونظام الطرد الجماعي للقيادات المقدسة بكتب صادرة ومختومة لأمثال هذه القيادات الجاهلة لا تدرك شروط النهضة ولا زمن النهضة في زمن ارتفاع رايات النصر لمحمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام .. فتراهم ركعا سجدا لدول الشر العالمي وينحرون الحالة بلهثهم وراء المنظومة العربية الصهيونية ” عرب صهيون ” ناهيك عن توزيع التهم ونياشين الشتائم التى يروج لها أعداء الثورة بقصاصات من الرسائل حمراء اللون دليل على وثنية الجريمة فتصبح ساحات الوطن المقدس مهزلة لشرطي الدجال الحقير في قلب الوطن ..
ان أملنا عظيم في وجه الله العلي القدير أن يعظم جهدنا ونحن لا نريد من وراء هذه الرؤية كرسيا أومنصبا أو سيولة دولارية بقدر ما نطلب مقاما تقيا محمودا لظاهرة التحول والثورة وفي أرض سليبة يسقط الأعوان الظالمين رايات العدل فلم يكن البديل سوى رايات المفسدين ..
انه يسكننا في هذه الآونة الأمل في وجه العلي الثبات والاستعلاء لكلمة شرف الله في هذا العالم والذي اكتنفه السوء .. وان غياب المنظور الثوري الروحي في نظرية الثورة الإلهية هو من أخطر أسباب تراجع الفكر الثوري وشعبية الثورة الإلهية ، فوجود القائد الثوري الروحي في قلب خيار المواجهة وطليعة الجبهة الثورية هو الذي يوحد قوام الحالة .. وكما قلنا مرارا في لقاءاتنا :
انه يستحيل أن يقوم مشروع ثوري بدون فكر ثوري ونقد ثوري بناء ..!!
.. وهكذا تعتمد القيادة المتنفذة بظهور الخط المقدس في قلب الحالة الصراعية صوت التشكيك والوعيد ونذير الخطر على كيانها حتى ولو لم يمس فهم جدرهم نخرة يحسبون كل صيحة عليهم !! وباتجاه آخر تبدأ في وجه حالة الصالحين توحد شراذم وبقايا التنظيمات في وجه الحالة الربانية البديلة .. ويصعد صوت المؤامرة على السياحة كمسرح للتقارير المزورة والأصوات الغائية وبروز ظواهر التخابر على الصالحين ومكافحة أحوال التمرد الميداني المزعوم حيث تسود الانشقاقات وملاحقة مخابرات القيادة العامة بمخابرات عامة لن يزيد الطين إلا بله والحالة إلا تشرذما وتزيد التهم وقصاقيص التهديد من صوت الغافلين كوسيلة لتطفيش العناصر المؤيدة
خشية وصول وباء الكوليرا الدعائية عليهم وعلى أسرهم التي سرعان ما تتهم بالعمالة !!! فيستغل التنظيم كهيبة لتمرير الرسائل الغوغائية :
{ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
ولهذا لزم قواعد المطهرين الصبر والسلوان وليحنون رأسهم حتى تمر الزوبعة ويندثر صوت الشيطان وما النصر الموقفي سوى صبر ساعة ..ولحماية مشروع العدل يهون كل شيء فمعركتنا من أجل الأرض والإنسان تقتضي حمل مشروع العادلين والمقسطين العادلين ..
الباب السابع
الاستبيان الثوري ودوره في البناء الحضاري :
يقول تعالى :
{ريَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6
: الاستبيان الثوري الحضاري هو الأنموذج البديل والنقيض لسياسات التقارير المزورة وهو الذي يحكم الشروط والخصائص الشرعية والحضارية لمسألة القرار أو التقرير البنائي والاستبيان كظاهرة ايجابية يلزم احتواءه على الرؤية المنهجية الشرعية التي تجعل غايات كل الأصوات بنائية هادفة ..
تعريف الاستبيان الشرعي :
الاستبيان الثوري العقائدي هو محاولة لتحديد الموقف واستكشاف الأرضية التي يقف عليها القطاع الثوري واتجاهاتها ، وفضلا عن ذلك هو محاولة شرعية للتبين وتحري الحقيقة من براثن الزيف والاستبيان من التبيين وهو التحقق ويصفه ابن القيم الجوزية رحمه الله : ” بأنه تحري الحق والمصلحة والتي وصف غاياتها .. بأنه مزلة أقدام ومضلة أفهام ، وهو مقام ضنك ومعترك صعب فرطت فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيقوا الحقوق وجرؤوا أهل الفجور على الفساد :
[ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ] .. وبالإجمال يعتبر الاستبيان الثوري كأداة ثورية مفرزة لتحديد الموقف والاتجاه العام لحركة التغيير .. وهو عبارة عن بطاقة ورقية تحمل طبيعة الاستكشاف والعمق والميول والاتجاهات العامة والخاصة لحركات التغيير ..
البعد العقائدي للاستبيان الثوري :
وهنا يلزم أن يكون الاستبيان أو التقرير مستندا على العمق القرآني في اتجاهاته وهذا ما يدفع أن يكون الاستبيان في قراره قرآني .. والآيات الواردة في موضوع التبين في مثل قوله تعالى :
:{ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : الأعراف85
: فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ }الأنعام157
{ : قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } : الأعراف73
: { ِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42
: { أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } هود17
: { وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى }طه: 133
: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }محمد14
: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ }البينة4
وفي الآيات وتفسرها شروح مستفيضة لإثبات ملف التبين وعلاقاته بالفتح الإلهي ..
الأهداف التغييرية والحركية الشرعية للاستبيان الحضاري :
: من أهدافه هو محاولة إضافية للتبيين الحركي والمواقف الحركية واستكشاف طبيعة العلاقات التغييرية وأنماطها ، كما طبيعة علاقة القواعد الثورية بالقيادة الثورية واستطلاع آراء المجاهدين في مسيرتهم كما هو محاولة لقياس الرأي القاعدي في القيادة وسيرها التنظيمي ، ويمكن من خلاله التعرف على جوهر الأعمال الثورية وانعكاساتها على أرض الواقع التغييري . فحتى يضمن العمل صوابيته لابد من الاطمئنان الدائم على مساره وهذا لا يتم إلا بالاستبيان وهو بديل دائم عن وسائل الإرهاب والضغط السياسي والفكري والوسائل والاستخبارية لمعرفة المعلومات والاتجاهات ما من شأنه زرع الثقة في القواعد الثورية .
والحركة الحضارية التغييرية هي التي تنتهج هذه الخيارات الأمنية .. من هنا كان الاستبيان الثوري العقائدي تعبيرا عن الواقعية التحتية للثورة ومرتبطا ارتباطا جدليا بعمليات التخطيط الثوري وأجهزتها التخطيطية . وتسهم في تحديد الاتجاه التخطيطي الإستراتيجي والمرحلي لمهمات العمليات الثورية التغييرية ، وحتى يتجاوز العمل الحضاري التغييري أزمة التقارير السرية البوليسية من القواعد إلى القيادة لابد من انتهاج وسائل أكثر حضارية ، من هنا كانت الاستبيانات الدائمة هي بمثابة الكشاف العقائدي الصادق والترمومتر الشمولي لمسار وكيفية العمل الثوري وتطوراته .
الأهداف السياسية للاستبيان الحضاري :
: يمكن من خلال الاستبيان الثوري استيضاح الاتجاهات السياسية والمواقف الاجتماعية الخاصة بالقطاعات الحركية الثورية ومواقفها من السياسات الداخلية ومواقف الحركة الخارجية . وهام جدا لنجاح الحركة التغييرية أن تمر بآراء قواعدها قبل أن تستكشف أراء الجماهير الشعبية ، والاستبيان الذي يحمل أهداف سياسية تقوم به المؤسسات السياسية والأهداف السياسية عموما هي قياس للحالة الثورية ومصداقية شعاراتها ، وهكذا تشكل حالة الاستطلاع الحركي والشعبي كما صادقا وايجابيا للآراء السياسية والاستطلاعات الداخلية لتكون بديلا عن القياس القاعدي بوسائل استخبارية حقيرة ومنبوذة .. والاستطلاع الشعبي هو بمثابة الترمومتر نحو اكتشاف الذات التنظيمية والقدرة الثورية ، وبمعنى آخر كان من الضرورة المراجعة الداخلية في ضوء مجموع استبيان الرأي لدى الجماهير .. وذلك على اعتبار أن النضال هو أصلا نضال الجماهير والأمة ..
الأهداف القيادية للاستبيان الحضاري :
يمكن من خلال الاستبيان الثوري الداخلي استكشاف آراء وقواعد الحركة التغييرية بالكامل في القيادة السياسية والعامة للحركة ومسارها وأنماطها وتحركاتها وموقف قطاع الحركة منها .. كذلك يمكن الاستكشاف لرأي القواعد الثورية في العمليات الانتخابية ، وبالإجمال هو صمام الأمان والتبين لموقف القيادة وعلاقاتها مع القواعد الثورية ، وحتى يكون وضع القيادة صحيحا لا بد أن يكون الاستبيان الحضاري صحيحا ..
أنواع الاستبيان الثوري وأشكاله :
أولا : الاستبيان السياسي :
: وهو الخاص بقياس الآراء السياسية أو الاتجاهات وقياس الرأي العام الجماهيري أو آراء الجماهير بالقوى السياسية أو بالحلول والمشاكل السياسية الآنية ، والاستبيان يحدد آراء الجماهير وطموحاتها السياسية وأشكال الميول السياسية والانتماءات وبالتالي فالاستبيان له مخاطر وايجابيات كثيرة . من حيث القدرة على التأثير والتأثر بالرأي العام ، ومن مخاطر الاستبيان السياسي أنه يوجه أحيانا من مؤسسات مرتبطة جدليا بالدوائر غير العقائدية أو المؤسسات العلمانية غير الدينية أو بجهات أخرى تزيف دور الاستبيان وآثاره في الرؤية الحضارية الشعبية وأهدافها ، وهكذا فثوابت الاستبيان هي التي تضمن عدم انحرافه كما ينحرف التقرير المزور أيضا .
ثانيا : الاستبيان الاجتماعي :
: وتشرف عليه المؤسسات الاجتماعية الوطنية المحايدة أو مجموعة من الحركة التغيرية تقوم باستبيان نزيه يشاركها فيه قوى مجتمعية مشهود لها بالخيرية السياسية والمجتمعية أو قوة من الأمم المتحدة لإثبات القيمة الرصينة لشعبية هذه القوة المجاهدة ويجب ألا تحس الحركة الربانية بالدونية إذا كان نتاج الاستبيان ليس في صالح مرادها ، إذ أن القيمة الاعتبارية هي في السلامة الموقفية لحسن تأريخ نضال هذه الحركة من عدمها والقوة التي تخشى الرأي العام هي قوة ضعيفة وغير مجتمعية .. والاستبيان الاجتماعي في النهاية يمكن اختراقه وتحريف وسائطه وغاياته إذا ما سجل بطرق انتقائية ووظف له أزلام الهيئة وأعوان الرياسيات التي تخشى رأي الجماهير .. وفي كل الأحوال يفاد من الاستبيان الاجتماعي قياس الرأي العام ومسموعات الهيئات العاملة في السلك المجتمعي التغييري ومدى ثقة الجماهير في عطائها وكذلك قراءة حالة الميول النفسية والآراء الفردية المعارضة والموافقة لهذه الحركة التي تريد أن يكون الاستبيان ذراعا لها نحو الجماهير والتقاطع معها لا القطيعة معها ..
ودراسة حالات الضغط الاجتماعي والجماهيري ومدى انعكاسات الواقع السياسي عليها ، وتقدم هذه المؤسسات التقارير اللازمة للدول التي تخولها بالمراقبة أو الحضور ولو كانت معادية فالذي يطرح الاستبيان بين الجمهور بطريقة لا يخشى الجمهور لأن لديه القدرة على التصويب والمراجعة والتدقيق في صحة مواقفها من عدمه .. والاستبيان كما ذكرنا هو قياس للحالة الشعبية التحتية العامة ، ومستويات الاقتصاد الاجتماعي والاستبيان له ايجابياته من حيث دعم وتصويب الوضع الاجتماعي الشعبي ووضع الحلول المستعجلة له ، ودعمه باتجاه النهوض ، ومن هنا تشكل الحالة الاجتماعية للجماهير أخطر اتجاهات التأثير حتى على الاتجاه السياسي ، وعليه فإن أكثر الاستبيانات تأخذ في الغالب منهجا لدراسة الظواهر الاجتماعية التحتية واستكشاف قدرات التأثير عليها ..
ثالثا : الاستبيان الذاتي :
وهو عبارة عن أسئلة مع إجابات محددة للتبيين عن اتجاهات الفرد السياسية أو الاجتماعية أو معلومات عامة عنه والاستبيان الذاتي يخضع طبقا للحالة أو الجهة المقدم إليها .. وله أيضا ايجابياته وسلبياته ويتبع دائما حالة العضوية سواء في مؤسسة أو جمعية أو دوائر التوظيف ، والاستبيان الفردي له سلبيات كثيرة على المستوى الفردي من حيث جمع المعلومات الأمنية وتقييم الفرد الذاتي . من هنا يحذر الإدلاء بمعلومات خاصة في الاستبيان الفردي إلا بالقدر الذي له الحاجة إليه ، والاستبيان المستوفى معلوماتيا يكون أشبه بالتقرير الذاتي ، بالإجمال الاستبيان الفردي له ايجابيات من حيث استكشاف حالة الشخصية المقابلة واستكشاف قدراتها ويخدم الجهة الصادرة للاستبيان .. وهكذا فالاستبيان الذاتي هو الذي يقيم حالة الفرد ومصداقيته وفاعليته واستعداده للموضوع التغييري ومؤهلاته اللازمة لتحديده وتحديد موقعه التغييري الحضاري ، وهذا النمط من الاستبيان هو في مقدمه الاستبيان .. فقبيل أن تطلب القيادة الميدانية أو العامة من الفرد أن يسجل تقريرا على الآخرين أو حول حركته أو مؤسسته أو منظمته يلزم التعرف عن قدراته وميوله وأنماط علاقاته وتركيبته النفسية والسيكولوجية .. خشية الوقوع في أزمات الإسقاطات النفسية والذاتية على الآخرين ..
الاتجاه الإيجابي والسلبي في الاستبيان :
1ــ الاتجاهات الحزبية :
يقول الإمام الطبري رحمه اله :
” أصل الزور تحسين الشئ ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل لمن سمعه أنه بخلاف ما هو به ” (33(
وفي هذا السياق تخضع الاستبيانات الثورية لعمليات تحول انحرافي في الأداء التغييري، وتخضع في الغالب هذه الانحرافات بفعل الضغوط الحزبية الضيقة التي تحرف الآراء لصالح الإتجاهى الحزبية وتناقضاتها ، وهذا التزوير هو نفسه ما وضحناه في طبيعة التركيب الحزبي في التقرير السلبي ودوره ، وتخضع الاستبيانات الحزبية إلى مؤسسات مملوكة لاتجاهات حزبية مختلفة سواء كانت وطنية أو إسلامية أو مؤسسات تغريبية مسيحية .. حيث تفقد الاستبيانات مصداقيتها
______________________________________________
(33) الاستبيان الثوري العقائدي ودوره في البناء الحضاري : نشرة ثقافية تعبوية : ( في الانتفاضة الأولى ) : صادرة بتاريخ 10/ رمضان 1412هـ ـ 4مارس 1993 م
(34)
واعتدالها وذلك بانحرافها نحو الاتجاه الحزبي والتلفيق السياسي أو حالات التسطيح .. فإذا نظرنا إلى المؤسسات التي تقوم بالاستبيان والموالية لهذا الاتجاه المتناقض مع الاتجاه الآخر فإن صحافتها وأقلامها توضح في الاستبيان أن النتائج البيانية الشعبية
تشير إلى أكثر من 90% يؤيدون التصالح مع العدو ، فيما نسبة أقلية توازي 5% أو 10% يؤيد المواجهة والحل عبر القوة والعكس كذلك أغلب المواقف .. بهذا تبرز الاتجاهات الحزبية في نتائج الاستبيانات وفي تزوير قياسات الرأي العام ، وهكذا كان الاستبيان النزيه والمحايد له نتائجه الصحيحة في الأداء الحضاري ، ويعبر عن توجه صحيح في الرأي العام واتجاهاته القومية أو الدينية أو السياسية سمها كما شئت ، ويلزم في الاستبيان أن يغلب عليه الطابع الإيجابي بعيدا عن النوازع الحزبية الخاطئة ومن هنا كان التبين السليم يؤدي الى نتائج سليمة وفي هذا يتمثل قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6
.. من هنا كان هدف الاستبيان الإيجابي هو الوصول إلى تصور للحالة الحضارية فرديا أو جمعيا : يقول الله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ }محمد25 وقوله تعالى :
قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : الأعراف85
وإيفاء الكيل هو الصوابية في عمليات التبين والتحقق ، وهذا ما جاء في قوله تعالى :
{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } : فصلت53 ..
فاستكشاف الحقيقة من أهم أدوات التبيين الإيجابي ، والاستبيان الإيجابي هو مفتاح لهذه الصوابية .
{ ِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42
فالاستبيان القاعدي مثلا يكشف التقارير السلبية الكاذبة التي يدلي بها المنافقون للقيادة الحضارية الثورية وهو كشاف لحالة التزوير الحزبي وهو قوله تعالى :
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً }الفرقان72
هو تحديد للشهادة المزيفة وخطورتها على العملية الحضارية فلو رفع مثلا للقيادة الميدانية أو العامة ألف تقرير عن مجاهد واحد ، فإن استبيان محدد للقاعدة يكشف عن حالة الانحراف والزور التي ارتكزت على ألف تقرير مزورو هنا تجيء المعادلة الربانية المقابلة في القرآن :
{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } ..
وهو وصف لطبيعة الحالة الإيجابية في التبيين : [ الاستبيان الإيجابي ] ..
من هنا كان الاستبيان الإيجابي ثورة على الزيف والدجل والتقارير المزورة التي تديرها ” جماعات المخبرين ” داخل جسم العمل التغييري ، كما يحدد التركيبة النفسية وحالات الميول الفردي والجمعي في القواعد الثورية , وهكذا ومن خلال الأساليب الاستفسارية الذكية يؤكد الاستبيان على ايجابيته ..
الشروط اللازمة لتسجيل الاستبيان الحضاري :
يقول تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6
: شروط الاستبيان الموضوعي هو توفر روح المصداقية والبحث عن الحقيقة والجو العام في القرآن يؤكد على انتهاج ذروة المصداقية والبحث عن الحقيقة الحضارية المفقودة . ويمكن تلخيص شروط الاستبيان الثوري في التالي :
1ـ الورع والتقوى والحرص على وحدة الدين والحركة التغييرية السياسية التحررية
2ـ تجاوز الأزمة النفسية و النوازع الشخصانية والتوجهات الفردية في الاستبيان والتجرد والحيادية الموضوعية بعيدا عن التعصب .
3ـ التعبير عن الرأي الذاتي والحيادية تعني عدم التزوير للحقائق ..
4ـ الاستبيان الذاتي هو عكس التقرير السياسي أو الأمني وعكس العرائض الانتخابية أو عرائض الرفض الجماعية لذا يلزم أن يكون تعبيرا فرديا ويعبر عن الحالة الجمعية من خلال المنظور الذاتي الفردي في الأشياء .
5ـ الواقعية وعدم الغياب عن الحالة الزمنية ، يعني ألا يكون الاستبيان توقعيا أو تحليليا أو احتماليا في المواقف البعيدة ، ولا يكون الاتجاه التحليلي إلا في الحالة الزمنية المتقاربة للحدث .. وهذا يحدد طبيعة الاستفسار البياني ولذا يلزم أن يشكل الاستبيان أداة زرع الثقة والمصداقية في عمليات الاستفسار البياني المطلوب ولا تطرح الأسئلة لتوكيد اتجاهات الحركة أو الحزب السياسي ومواقفه ـ فالاستبيان العقائدي ليس استدراجيا للمواقف الثورية وابتزازيا في المعلومات عبر تصور تآمري ميكافيلي .
6 ـ أن يكون الاستبيان قرآنيا في مواقفه وعمقه ..
وفي هذا الاستبيان وختامه النوراني نرى أننا قمنا بتقديم تصوري نقدي في موضوع أسهم في تحطيم القوى البنائية وهدم الجدر الريادية وهو التقرير المزور وحسبنا في قراءتنا الله وحده فهو الولي الرشيد القادر فوق عباده والله تعالى ولي التوفيق والسداد ..
والحمد لله رب العالمين عدد خلقه ورضا نفسه مداد كلماته ..
وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحابته المنتجبين
انتهت بحمد الله الدراسة التحليلية المجتمعية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
___________________________________
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين
__________________________________
بقلمـــي
المفكر الاسلامي التجديدي
الشيخ
محمد حسني البيومي الهاشمي
” محمد نور الدين “
أهل البيت عليهم السلام
فلسطين المقدسة
______________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق